مجلة إحنا

مجلة إحنا
غلاف عدد نوفمبر

الثلاثاء، 6 مارس 2012

قال لك شعب متدين بطبعه! - أحمد فهمى

احنا شعب جامد جدا على فكرة... ثقافته عبارة عن خليط مركز من عصير الكوسة بالبشاميل مضروب عليها رز باللبن والمكسرات وشوية تراب على الوش... المقدمة المقرفة دى علشان بس أبدأ أتكلم عن التناقض الغريب فيما نسميه الثقافة المصرية...

جزء من تكويننا هو الدين وبـ نفتخر إن احنا بلد الأزهر وطبعا ده لأننا "شعب متدين بطبعه" ودى المقولة اللى تفطس من الضحك اللى حافظينها عن ظهر قلب ووش رجل.

بس ما تيجى نتأمل أمثالنا الشعبية هـ تلاقيها كلها تدل على إننا شعب متدين بطبعه جدا جدا... خد عندك مثلا: "دوس على الأعمى وكل عشاه مش هـ تبقى أرحم بيه من اللى عماه"! لأ بجد جسمى بـ يقشعر من الخشوع وأنا بـ قول المثل ده... أو مثلا: "إذا جالك الطوفان حط ابنك تحت رجليك"! وطبعا المثل ده بالإضافة لأنه بـ يثبت إننا شعب متدين بطبعه بـ يثبت برضه إننا "ملوك الجدعنة ودى حاجة فى طبعهم"، وبمناسبة الجدعنة لازم نذكر المثل اللى بـ يقول "الجرى نص الجدعنة".

ولأننا شعب متدين بطبعه... ثلاثة أرباع البنات محجبات... أكيد مش كلهم بنفس المستوى لأن معروف إن الحجاب أنواع؛ فيه حجاب شرعى وفيه حجاب كارينا وفيه حجاب المحبة وفيه الحجاب أبو تاتو على الأنكل وفيه الحجاب أبو قــُـصة من تحت الإيشارب... وده تنوع فى التدين بـ يرضى جميع الأذواق يعنى كل واحدة تختار الحتة اللى عايزة تحجبها...

وغير صحيح خالص إننا عندنا تحرش جماعى أو أى جرأة على الستات سواء باللفظ أو اللمس أو التحسيس فى المواصلات العامة... احنا شعب متدين بطبعه... الراجل لما يشوف ست بـ يبص فى الأرض على طول ويعتبرها أخته أو أمه ولا يمكن يعاكسها أو يقول لها "أموت أنا وأعيد السنة" ولا "ما تيجى ونجيب مليجى" ولا الكلام ده خالص، لأن ده ضد فطرتنا المتدينة.

علشان كده كلنا الحمد لله بـ ننجح نضيف ومحدش بـ يعيد السنة، وبالنسبة للتحرش الجماعى دى مجرد حوادث فردية... آه فردية! بالرغم إنه جماعى ولا انت عايز تقول لى إننا مش شعب متدين بطبعه؟

ومن كتر التدين احنا ناس سُـكرة ولساننا بـ ينقط سكر ولا يمكن نشتم حد بأمه وأبوه وسلسال أسلافه لحد الفراعنة علشان كسر علينا واحنا سايقين... كمان لو ركبت تاكسى لا يمكن تلاقى السواق بـ يقول لحد يا ابن "مرات الأسد" مثلا ومش ممكن أبدا ياخده الحماس ويبدأ يبدع فى الشتيمة لدرجة وصف مرات الأسد بـ تعمل إيه من ورا الأسد... دى مش من أخلاقنا... لأننا متدينين بطبعنا.

كمان الدنيا أمان علشان كل الناس متدينين... ومش لازم الجوامع تعين حارس على جزمتك ويقفل على جزمتك بالمفتاح ويديك المفتاح فى إيدك ويعمل لك بوليصة تأمين على الجزمة على ما تصلى وتطلع... أصل احنا شعب متدين وأكيد محدش هـ يسرق فى الجامع... واللى حصل معايا ده حادث فردى مع إنه حصل مرتين... مرة مع جزمة “Adidas” بالشىء الفلانى والمرة الثانية مع شبشب بيت بـ 12 جنيه واللى مجننى مش الجزمة اللى مجننى هو الشبشب وعموما موضوع إنى أروح حافى ما بقاش بـ يزعجنى، بـ اعتبره زهد، وده طبعا لأنى صبور ومتدين بطبعى.

وطبعا نتيجة إن احنا شعب متدين بطبعه وده باين فى فكرنا وفى سلوكنا اليومى زى ما أنا وضحت سريعا، فما كانش ينفع ننتخب غير شيوخ للبرلمان بتاعنا لأن نائب الشعب لازم يكون زى الشعب... متدين بطبعه.

والنعمة احنا شعب "مستهبل" بطبعه!

هناك تعليق واحد:

محمد القبانى يقول...

فى البداية أحييك على المقال الاكثر من رائع والذى اتفق معك فى كثير منه ولى تعقيب بسيط ... نعم المقولة الكوميدية التى تقول اننا شعب متدين بطبعه لا تزيد عن كونها عبارة كانت تتردد فى الاعلام كثيراًَ وبالطبع ترسخت فى عقول المصريين مثلما ترسخت عبارة ان معدة المواطن المصرى تهضم الزلط والحقيقة اثبتت اننا مرضى ومعلولين ونسب الامراض عندنا اكثر بكثير من المعدلات العالمية ، والحقيقة ان اتباع الحكمة الاعلامية الجليلة ما تكرر فقد تقرر قد أتت بثمارها مع الشعب المصرى لتصدير بعض الافكار الى داخل عقليته الجمعية ، ولكن ما اريد ان اتحاور فيه واياك هل اصبحنا هكذا لاننا هكذا من الاصل ام حكامنا هم المسؤلون عن ذلك ؟؟؟

إحنا