مجلة إحنا

مجلة إحنا
غلاف عدد نوفمبر

الأحد، 18 ديسمبر 2011

خالد الصادق: عندما يسأل أحدهم لماذا ذهبت هذه المرأة إلى التحرير !

عندما يسأل أحدهم لماذا ذهبت هذه المرأة إلى التحرير

لا أجد في نفسي رغبة للإجابة لأن السائل تجاهل أو جاهل بكل معاني المروءة والرجولة والشرف
لكن من أجل أن أدافع عن الشريفة التي إنتهك عساكر الجيش شرفها ثم تحول جزء من المجتمع لمهاجمتها وتبرير قذارة ووحشية الجيش سأذكركم بقصتين من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم- وسيرة الإسلام الصحيح:

سبب غزوة بني قينقاع “يهود”
: ذهبت زوجة أحد الأنصار لأحد الصاغة اليهود لشراء حلي لها، وأثناء وجودها في محل ذلك الصائغ اليهودي، حاول بعض المستهترين من شباب اليهود رفع حجابها والحديث إليها، فامتنعت وأنهته. فقام صاحب المحل الصائغ اليهودي بربط طرف ثوبها وعقده إلى ظهرها، فلما وقفت ارتفع ثوبها وانكشف جسدها. فاخذ اليهود يضحكون منها ويتندرون عليها فصاحت تستنجد من يعينها عليهم. فتقدم رجل مسلم شهم رأى ما حدث لها، فهجم على اليهودي فقتله، ولما حاول منعهم عنها وإخراجها من بينهم تكاثر عليه اليهود وقتلوه ]
غضب النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)لما وقع من يهود بني قينقاع الذي يدل على خيانة والغدر ونقض العهد وخرج ومعه المسلمون
لمعاقبتهم فحاصروهم 15 خمسة عشر ليلة حتى اضطرهم إلى الاستسلام والنزول على حكم رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) الذي قضى
بإخراجهم من ديارهم جزاء غدرهم وخيانتهم وكان ذلك في منتصف شوال من السنة الثانية للهجرة
بس ساعتها ماحدش قال إيه بس اللي وداها عند سوق اليهود.

غزوة أحد : أم عمارة
لم يشترك من نساء المسلمين في تلك المعركة إلا امرأة واحدة هي نسيبة بنت كعب -أم عمارة- فلما رأت النبي في أرض المعركة قد تكالب عليه أعداؤه من يمنة ويسرة رمت القراب التي كانت تسقي بها جرحى المسلمين، وأخذت تدافع عنه. فقال الرسول عنها: ((ما رأيت مثل ما رأيت من أم عمارة في ذلك اليوم، ألتفتُ يمنة وأم عمارة تذود عني، والتفت يسرة وأم عمارة تذود عني))، وقال لها النبي في أرض المعركة: ((من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ؟! سليني يا أم عمارة)) قالت: (أسألك رفقتك في الجنة يا رسول الله) قال: ((أنتم رفقائي في الجنة)).


كانت أم عمارة تدور في المعركة تسقي المقاتلين حتى جرحت إثني عشر جرحا، ولقد رأيت بعيني بنات في مصر من الأحرار يدورون علينا بالماء والإسعافات بل ويشاركون أيضا في الدفاع عنا


وأخيرا أذكر ما قاله عبدالرحمن الكواكبي في كتاب “طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد”:
‎"الاستبداد يقلب الحقائق فى الأذهان ، فيسوق الناس إلى إعتقاد أن طالب الحق فاجر ، و تارك حقه مُطيع ، و المُشتكي المُتظلم مُفسِد ، والنبيه المُدقق مُلحد ،و الخامل المسكين صالح ، و يُصبح - كذلك - النُّصْح فضولاً ،و الغيرة عداوة، الشهامة عتوّا، والحميّة حماقة ، و الرحمة مرضاً ، كما يعتبر أن النفاق سياسة و التحيل كياسة و الدنائة لُطْف و النذالة دماثة".
------
وهذا هو حال السائل: وهو يعني إيه اللي خلى البنت دي تروح هناك !!

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

ياسر عبد الباسط: عن قطر والدوحة وحماده!


وهـ ابتدى بحماده، وحماده ده لفظ اخترعه أحد أصدقائى عندما لا يعجبه شىء، أو أن أسأله إن كان فلان فعل ما يجب عليه أن يفعل، فـ يقول لى "لأ طبعا … حماده"، إذن فحماده أصبح المرادف لكل حاجة مش مظبوطة، ويمكن يكون صديقى هو اللى اخترعها ويمكن حد تانى، بس أنا سمعتها منه هو، والموقف فى مصر دلوقتى طبعا حماده.

وكان لينا نصيب نسافر قطر أنا وحماده، قصدى صديقى للسعى وراء أكل العيش فى مشروع كده، ولما رحنا الدوحة اللى قعدنا فيها ٥ أيام لاحظت الآتى، أولا الدوحة بجد قد المهندسين، ومش أكتر من كده، وعدد سكان قطر كلها ما يزيدش عن ربع سكان طنطا، لاحظت كمان إن فيه حاجات فى البلد مش مستوية أوى، يعنى نص نص، وده مش تقصير منهم، لأنى لاحظت قد إيه الناس دى عندها طموح غير طبيعى لبلدهم، كل واحد فيهم فى إيده حاجة ممكن يعملها لبلده، بـ يعملها بقلب، بـ يفضل مصلحة بلده على مصلحته الشخصية، وكل واحد فيهم بـ يبذل أقصى ما عنده علشان البلد.

لاحظت كمان إن كل حاجة بـ يعملوها باحترام، يعنى مفيش واسطة، مفيش محسوبية، القانون يطبق على الجميع بلا استثناء، وحد حكى لنا على أمير قطر اللى كان سايق عربيته بنفسه، وراكن زيه زى أى حد فى الباركينج، وكمان دفع ثمن تذكرة الباركينج، يا عينى على قطر.

حد يقول لى الكلام ده ممكن يكون دعاية، وخاصة إن معظمنا بـ يكره قناة الجزيرة، بس أنا شفت بنفسى الشيخة، وهى شخصية مرموقة جدا، ولن أستطيع ذكر اسمها، شفت قد إيه الست دى فى منتهى الذكاء، والتواضع، آخر مرة قابلناها فى كوفى شوب، وبـ تمشى من غير لا حراسة ولا دوشة ولا تعطيل مرور ولا يحزنون، وقد إيه بـ تشتغل من كل قلبها علشان بلدها تبقى أحسن.

عارفين تاريخ تأسيس قطر من كام سنة؟ من ١٠٠ سنة بس، ودول طبعا داخل فيهم سنين طويلة كانت قطر كلها صحراء، يعنى الطفرة اللى حصلت دى حصلت مثلا من ١٠ سنين مثلا، بس اللى عايز يتعلم ازاى فيه ناس بـ يشتغلوا علشان بلدهم الصغيرة تتحط على الخريطة، يروح قطر ويشوف.

الحاجة المهمة كمان، هو إن وجود الشيخة معانا، يعنى الأميرة، عندها كل السلطات اللى ممكن تقعد بيها قطر كلها وتقومها، لكن هذه السيدة المحترمة لم تتعدى على سلطات ناس هـم فى الأصل موظفين عند الحكومة القطرية، لكن علشان الناس دول محترمين، فبـ يحترموا الناس، وبـ يحترموا خبرات الناس، ووظائفهم، وتخصصاتهم، البنى آدم هناك له قيمة، قطر زيها زى أى بلد محترمة أنا رحتها برا، تحياتى لقطر وللدوحة وللشيخة البسيطة المتواضعة صاحبة العقلية المتفتحة والرغبة الأكيدة فى إن بلدها تبقى أحسن من غير ما يكون عندها أى أجندات غير معلنة.

ولما أقارن مصر بقطر، ألاقى إن مصر "حماده" لأن لما تكون مصر بعمرها اللى هو ٧ آلاف سنة وتبقى بالحال ده، ويبقى كل فصيل سواء من الإخوان أو السلفيين أو حتى الليبراليين، لما كل واحد فيهم يدينا الإحساس إنه مش شايف غير مصلحته يبقى احنا فى مرحلة "حماده" متأخرة، ومحتاجين عناية مركزة لإنقاذنا من حماده.

حاجة كمان بقى نسيت أقول لكم عليها، كنا نازلين من العربية ورايحين ناكل فى مكان، وانا سألت الناس اللى معايا، هو وجود شنطتى اللى فيها اللاب توب فى العربية أمان؟ رد عليا صديقنا كريم الخواص اللى قاعد فى قطر بقاله شوية وقال لى "انت لو سيبتها برا العربية أصلا هى فى أمان"، ولما سألت عن العمال البسطاء اللى فى كل مكان، وإن أولاد البلد ناس مرتاحين فمحدش فيهم هـ يبص لحاجة حد، بس العمال دول ممكن. عارفين الرد كان إيه؟ اتقال لى إن دول كمان مرتاحين، وحاسين إنهم فى بلد مقدراهم، ومبسوطين، ومحدش فيهم هـ يفكر إنه يخسر المكان اللى هو فيه، يعنى العمال والفقراء كمان مرتاحين، ومصر زى ما انتم عارفين … حماده.

الخميس، 8 ديسمبر 2011

سنظل ... بقلم : أحمد سليم

سنظل نـُـقَبل تراب هذا الوطن، بالرغم من أنه ملوث بأقدام من سبقونا ... لكننا سنظل.

سنظل نحاول أن نصيب، بالرغم من كثرة أخطائنا ... لكننا سنظل.

سنظل نصنع تاريخا، بالرغم من أننا نقاتل من أجل مستقبل ... لكننا سنظل.

سنظل صامدين، بالرغم من أننا نسقط كثيرا ... لكننا سنظل.

سنظل لا نملك سوى أجسادنا لنحتمى من طلقات الرصاص ... لكننا سنظل.

سنظل نحمى أشخاصا لا نعرف أسماءهم، ولن نسأل ... لكننا سنظل.

سنظل نضحك مع أشخاص غرباء، ونبكى عليهم وهم شهداء ... لكننا سنظل.

سنظل تعلو أصواتنا بالأمل، بالرغم من محاولات إحباطها ... لكننا سنظل.

سنظل نؤمن بالمستحيل، بالرغم من صعوبة تحقيقه ... ولكننا سنظل.

سنظل نلهم العالم، بالرغم من عدم قدرتنا على إلهام أنفسنا ... ولكننا سنظل.

سنظل فى تعداد الموتى إلى أن يخترق الرصاص أجسادنا فنحيا أحرارا ... وسنظل.

عينك تسوى كام؟؟


إلى كل من ضحوا بالبصر كى نحيا بالبصيرة ...

أنظر ليدى التى مازالت ترتعش بين الحين والآخر من تأثير الغاز ... استقبلت الأعراض الجانبية لكل ما أطلقوه علينا بنفس الروح التى استقبلت بها كل الأمراض الأخرى التى صادفتنى مؤخرا من حساسية وجيوب أنفية وقولون عصبى ودوالى ... جيل يعانى من أمراض الخمسينات فى عشريناته! ولكن آلهم لا اعتراض ... كيف أعترض وأنا أرى أمامى شباب كتب عليه العيش بعين واحدة ... كيف أعترض وانا أسمع شاب فقد بصره تماما ولكن الابتسامة لا تفارق وجهه ...

أسرح بخيالى فاتذكر الكثير من الأصدقاء وهم يقولون أنهم يفضلون الموت على العيش مكفوفين ... أضع يد فوق عين وأحاول أن أتصور حياتى بعين واحدة ... أرى نصف كل شىء, نصف وجه ونصف ضحكة ونصف شارع ... أغطى العين الأخرى وأحاول المشى من مكان لآخر فى البيت ... أشعر بخوف شديد ... وحدة ... قلق ... خوف خوف خوف ... وحدة ... حزن ... بعد خطوات أجلس على شىء ما وأحاول تخيل حياتى بدون بصر ...

يالهوى! ده أنا شغلتى الكتابة! هـ اعمل إيه يعنى ... هـ اقرا ازاى ...

أفكر فى كل شىء سأفتقد رؤيته ... ابتسامة أمى وتكشيرة أبويا ... غلاف جميل لكتاب ... قطة صغيرة على عتبة الباب ... تحية بياع الجرايد ... رسائل الأصدقاء ...هدايا الأصدقاء ... الأًصدقاء ... تعبيرات الفرح والحزن، الحماس واليأس ... طفل يبكى ... شاب أعجب به ... شاب يعجب بى ... ابتسامة رجل عجوز منحى على عكاز وهو يقول "ربنا معاكم يا ولاد" ... دموع عسكرى أمن مركزى يأمره قائده بالضرب ... ولاد أختى ... أمى عندنا تكبر فى السن وتبدأ فى ارتداء ملابس غريبة ... فرح أخويا الصغير ... فيلم قصير جميل يحكى حدوتة شاب وصبية ... رقصة تبعث على الأمل ... أحفاد أختى ... حزن أخى على درجات ابنه فى ابتدائى ... يافطة حماسية تحملها بنت صغيرة يحملها والدها على كاتفه فى مسيرة تنادى بالحرية ... مسيرات مصطفى محمود ... كنتاكى التحرير ... شاى التحرير ... بطاطين التحرير ... الميدان ... الميدان ... الميدان ...

أنهار فى البكاء ... كنت أظن أننى شجاعة ... ولكن هذا الشعور دائما يزول بمجرد دخولى ميدان التحرير ... لا أملك الشجاعة الكافية التى تدفعنى للصفوف الأمامية ... لا أملك العزيمة الكافية للتضحية بالبصر ... لا أملك الإيمان الكافى لتخيل حياتى بدون بصر ...

اليوم نقف تضمانا واحتراما وتمجيدا لكل من قاده إيمانه وشجاعته للصفوف الأمامية ... نقف إجلالا لكل من ضحى بعين أو اثنان، لكل من لم يهاب الموت فأصابته رصاصة ... لكل من فضل الموت حرا على العيش سجينا ... لكل من مات حتى نحيا ... أحرار مرفوعى الرأس

ميه سلمية

مسيرة من مستشفى القصر العينى الساعة 4 مساء مرورا بـ ميدان التحرير ثم وقفة صامتة على كوبرى قصر النيل بضمادات على العين

https://www.facebook.com/meyasilmeya

سندس شبايك

8 ديسمبر 2011

الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

ما تبقى من الثورة بداخلى!


كم مرة كتبت عن الثورة؟ عن التحرير؟ عن الشباب؟ عن جيل لا يهاب الرصاص!

لا أتذكر، فلم يبقى داخلى سوى انطباعات، مجرد انطباعات فقط! انطباعات يحفظها قلبى قبل عقلى، أعرف مَن أكره قبل مَن أحب، أعرف مَن أفتقده قبل مَن سأراه، أعرف أين سأذهب عندما تصيبنى هذه الحالة من الضيق والشعور بالقهر والظلم!

أعرف من قتل أبناء وطنى، أعرف من أطلق عليهم الرصاص والغاز، من أطلق عليهم البلطجية ليذبحوهم! أعرف أننا فقدنا الكثير والكثير من شباب هذا الوطن، من شباب لا يختلفون عنك، لهم أحلام كانوا يودون تحقيقها، وأماكن كانوا يحبون الذهاب إليها، وعائلات تحبهم وتحلم لهم بمستقبل!

أعرف معنى الظلام، عندما تظن أنك تحلم، عندما تظن أن عينيك مغلقتين، وتحاول جاهدا أن تفتحهم فلا تجد النور، تنتظر النور ولا يأتى! تعيش فى الظلام ومَن ظلموك يعيشون فى النور، تعرف أنك بطل، لكن للأسف الأبطال لا يكسبون على أرض الواقع، فالنصر فى بلادنا دائما للأشرار!

أعرف أن هناك أما، كلما تعبر من أمام الغرفة، تنسى أنها فقدته، وتمد يدها لتفتح باب الغرفة، فتتذكر أنها خاوية، أن مَن كان يسكنها رحل، ولن يعود من جديد، رغم أنه كان هناك منذ بضعة ليالٍ، لكن الرصاص لا يفرق بين مَن له حلم ومَن له ثأئر ومَن له أم ستبكيه حتى تراه من جديد!

أعرف شعبا ثار، دفع بخيرة أبنائه ثمنا للحرية، ثمنا لمستقبل أفضل لأجياله القادمة، ضحى "بالورد اللى فتح فى جناين مصر"، وبغيرهم وغيرهم! عشرة شهور ونحن ننزف الدم قبل الدموع، وهم لا يرون كل ذلك ثمنا كافيا ليعيدوا لنا حقوقنا، ليتركونا نحصل على حرياتنا!

ربما هو صراع أجيال، لكنى لا أعرف من يحرق المحصول ليؤكد للتربة أنه مَن زرع! لا أعرف أبا يقتل أبناءه ليثبت فقط أنه جدير بدور الأب!

لا أعرف لماذا يتشبثون بكراسيهم بهذه القوة، ألم يسمعوا الهتاف المختلط بالبكاء والدموع! ألم يروا شبابا يفتح صدره لرصاصهم، ألم يعرفوا أن الله قادر أن يقتص لهؤلاء الشهداء، أن يخسف بهم وبكراسيهم وببروجهم المشيدة الأرض، لا أعرف أيضا كيف ينامون كل ليلة، كما لا يعلمون هم أيضا ماذا نشعر كل يوم ونحن ننام تحت سماء الظلم على أرض لم تشهد سوى القهر!

إنى أطلب منك الآن أن تقف ... نعم، تقف حدادا على هذا الوطن، على مَن ضحوا بحياتهم من أجله، على مستقبلهم الذى يسمون المتاجرة به سياسة، على إعلام يستعرض جروحنا ليزيد نسب المشاهدة، على كتاب وصحفيين وأدباء كانوا قدوة ومثالا، والآن أصبحوا أنصاف جبناء!

قف حدادا على حلم فرطنا فيه بمنتهى السهولة رغم أن فاتورته ما زالت الدماء عليها لم تجف!

لا أريد أن أطالبك بشىء، فإن هذه الأوقات لا تحتاج إلى نداءات، إلى استغاثات، إنى فقط أطلب منك أن تتذكر، ألا تنسى مَن ماتوا من أجل كرامتك، من أجل عزتك، من أجل أن ترفع رأسك، من أجل أبنائك، من أجل العدل، من أجل القصاص الذى لم يحصلوا عليه حتى بعد موتهم ...

أريدك أن تتذكر هذا الجيل الذى أفخر أن أكون أحد أبنائه، هذا الجيل الذى غير تاريخ أمة كان فقط مَن يكتب تاريخه هم "الفرعون" و"كهنته" ... تذكر هذا الجيل الذى قرر أنه "ماله"، الجيل الذى يرفض أن يمشى كما علموه "داخل الحيط" ... الجيل الذى ضرب كل أمثلة الشجاعة، والنبل والعطاء ... واعلم إن قتل أحلام هذا الجيل داخل صدوره سيخرج آباء أكثر ضعفا وأشد سلبية من آبائنا، سيخرج أجيال من المسوخ!

اتقوا الله ... اتقوا الله فى هؤلاء الشباب الذين آمنوا بأن وطنهم قد عاد لهم، فلا تسرقوه من جديد!

وفى النهاية، أود أن أقول لمن يخافون الميدان أنها قد يستطيعون إخلاء الميدان ... قد يستطيعون أن تلهونا بالانتخابات ... وربما تنسى عقولنا كما نسينا من قبل، لكنى أؤكد لكم أن قلوبنا لن تنسى، وأننا سنكون يدا واحدة من جديد فى يوم سينفذ رصاصكم قبل أن ينفذ إلى صدورنا!

كريم الدجوى

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

شهادتى عن أحداث شارعى "محمد محمود" و"الفلكى" بقلم :كريم الدجوى

لقد أسعدنى الحظ أن أكون شاهدا على الكثير من أحداث التحرير فى الأيام القليلة الماضية، ليس بصفتى الصحفية، لأننى فى خلال تلك الأيام لم أفكر للحظة فى كتابة مقال أو تغطية، لأن ببساطة ما تراه فى هذين الشارعين وما بينهما من أزقة مظلمة أكبر بكثير من أن يُحكى أو يُوثق!

لن أتحدث عن سبب قيامى بالدخول إلى الشارع، فإنك تدخل ولا تعلم ماذا يدفعك للدخول إلى وادٍ قد لا تخرج منه على ساقيك! فهذا لم يكن طبعى أو طبع كثيرين من الوجوه التى أراها فى الداخل، لكنك تدخل، تشم الغاز البشع من قبل وصولك للشارع أصلا، ولكنك تدخل، ترى مصابا كل ثانية يحمله شباب من عمره، لكنك لا تتراجع!

تسمع من الشباب حولك أن عليك أن تحمى وجهك أو تدير جسمك عند دخولك إلى بدايات الشارع، لأن الخرطوش يستهدف الوجوه، لكنك لا تتراجع، تحمى وجهك مثلما يفعل غيرك، فلا يوجد عندك أدنى مانع فى أن تصاب، تفقد بصرك أو تموت ... فانت تعرف أنك لست أفضل ممن فقدوا أبصارهم وماتوا من أجلك!

مواقف كثيرة للغاية، لا أستطيع التمييز بينها، لا أستطيع تذكر المكان أو الزمان بسبب تواليها بهذه الصورة، لكنى أعرف أنها ستغير من نظرتى للحياة وطريقة حكمى على الأمور.

أتذكر أن يختفى أحد أصدقاء عمرى فى وسط الدخان والزحام والكر والفر، يغيب عن عينى لثوان، فأجد نفسى مدفوعا إلى ما بعد خط النار باحثا عنه، خائفا من نظرة خطيبته لى إذا عدت به إليها جثة هامدة! أتذكر بحثى فى الأزقة المظلمة عن زميلى الذى فقدناه أثناء تعرضنا للرصاص ونحن نؤمن المستشفى الميدانى فى ذلك الشارع الضيق بين محمد محمود والفلكى، وأتذكر صراخى فى الشارع المظلم "رجب ... يا رجب" وسط الجرحى والخائفون والشجعان ...

أتذكر لحظات مرورنا أمام الشوارع الجانبية التى يختبئ فيها من يطلقون علينا النار والغاز من الخلف، وأتذكر لحظة الجرى وكتم النفس فى نفس الوقت لعبور تلك الكمائن، وأتذكر صديقا فقد مننا أثناء عبوره تلك النقطة، وكيف تقسمنا إلى فريقين، فريق يبحث عنه وفريق يعود لخط النار!

أشياء كثيرة لا يمكن أن أختذلها فى مقال أو حتى كتاب، مشاعر متضاربة، خوف وشجاعة، هلع وطمئنينة، ضعف وقوة، سكون وصراخ، حياة وموت ...

لكن ما سيبقى فى عقلى وقلبى هـى تلك اللحظة التى رأيت فيها الحقيقة بالرغم من عينى المغمضة بفعل الغاز، اللحظة التى اكتشفت أننا شباب عزل يحملون طوبا يواجهون آليات حربية من قنابل ورصاص ومدرعات وجنود نظاميين مدربين على المعارك، اللحظة التى اتضحت فيها صورة هذا الجيل الذى لا يهاب الرصاص، يختبئ منه لكن لا يهابه، قد يجرى منه بضع خطوات، لكن مشهد ما فى ذاكرته يدفعه للرجوع وفتح صدره للنار، مشهد شباب أعزل يـُـقبل على مواجهة الرصاص من أجل حلم ... حلم يراه أمانة على عاتقه!

ليس من المهم الآن الخوض فى أسباب تلك الاشتباكات، ولا حاجة لذكر أن لكل منا –شئنا أم أبينا- ثأرا بايت عند هذا النظام القمعى الذى يمثله تلك البدل الميرى، ليس من المهم التأكيد أن بالتأكيد أن نقطة دم واحد أثمن بكثير من مبنى وزارة الداخلية بطوبة وزجاجة ومكاتبه إن كانوا فعلا يدافعون عنها، ليس من المهم كل ذلك ... المهم أن نتذكر الحقيقة الوحيدة المؤكدة ... أننا لم نعد نهاب الرصاص!

ملحوظة:

لم ألقى طوبة واحدة أثناء الاشتباكات، ليس خوفا من العقاب أو رحمة منى بمن لا تحمل قلوبهم الرحمة، ولكن لأنى أعانى من مشكلة فى مفصل الكتف تمنعنى من ذلك، وأنا أذكر تلك المعلومة كمثال بسيط لوجود أشخاص فى تلك الشوارع غير قادرين على الاعتداء على الأمن!

"إنها ثورة الكرامة!" بقلم :مريم عبد الجابر



أكتب هذا المقال وأنا منهكة، 6 أيام من الانفعال المتواصل، صداع لا يفارق دماغى حتى نسيته، لا أهدأ، لا أنام بعمق، أحلم بأن تحت منزلى شرطى ينتظرنى أنا تحديدا ليأخذ عينى كما أخذ عين الكثيرين. أنفعل وأنا أشاهد فيديوهات توثق ما حدث، فتنتابنى أحاسيس سلبية مقبضة بالظلم والقهر والعنف السادى والغِلظة، فينفطر قلبى بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. أنفعل وأنا أناقش المعارضين وأقنعهم بأن الحجارة لا يصح أبدا أن تقابل برصاص وقنابل، وأن روحا واحدة تساوى ألف مبنى، وعين واحدة تساوى مليون وزارة، وإن سقوط الشهداء وضياع العيون جاء لتنفيذ ثأر قديم عمره 10 أشهر وليس من أجل المحافظة على المنشآت ولا أمن الوطن فكل ذلك حجج زائفة، وأن شباب معركة محمد محمود كانوا يحمون الميدان بهذه المعركة وحتى لو متهورين، ففى تهورهم دافع وهو الغضب والغضب كثير ما يكون منطقى ويجب استيعابه.


أنفعل حبا وحماسا وأنا فى التحرير، وأنفعل غيظا عندما أعود إلى منزلى وأجد أنصاف المذيعين والسياسيين يملأون القنوات ويتهمون الشباب بقلة النضج والوعى السياسى. وأنفعل الآن باكية لأن خطر فى بالى منظر من سحلوهم بعد أن ماتوا بجانب مقلب قمامة فى مشهد لن أنساه ولن ينساه العالم كله.



أنفعل وأشيط عندما أجد البعض يظنون أن مَن يحتشدون فى العباسية ويخطب فيهم إعلامى المصطبة كما أطلق عليه "توفيق عكاشة" لهم وجهة نظر تـُحترم؟ كيف وهؤلاء يؤيدون ظالما قاتلا؟! فمثلا، إذا صفع أبى أخى ظلما فلن أؤيد أبى فى أى شىء اليوم التالى مع ثقتى فى أبى ومع يقينى بطيبة قلبه، ولكنى رأيته ظالما فصعب علىَّ تأييده وخاصمته حبا فى أخى وكرها فى الظلم وليس فى شخص أبى! ومثال أسهل لو قلت لك أنى أرى الدعارة تجارة مربحة ويصح ممارستها، هل سترى أن وجهة نظرى تـُحترم؟ الحق حق والباطل باطل ولا يحتملون وجهات نظر، هناك من رضى بالظلم وهناك من لا يرضى به.

لا أريد أن أطيل فى كلامى ولو أردت لن أستطيع، فأنا كشخص كلما كانت نقطتى بديهية مفهومة بالفطرة كلما صعب عليا شرحها، لا أجد شيئا أقوله فى أمر بديهى لا يتطلب سوى العين والإحساس والضمير لتفهمه، إن لم تمتلك تلك الأشياء لن تقتنع ولن تتفاعل ولو نزل أرسطو بنفسه ليقنعك بضرورة تفاعلك مع ما حدث وضرورة وجودك الآن فى التحرير أو مساهمتك فى أى عمل يخدم المعتصمين حتى ولو بالدعاء لهم وعلى من ظلمهم وذلك أضعف الإيمان، أما أن تسبهم وتتمنى لهم الحرق وتفرح لما حدث لهم معتقدا أن "العيال دى مش هـ تيجى إلا بكده" فمعنى ذلك أن أنت "اللى عيل مش بـ تيجى غير بكده" فاعتقدت أن الكل مثلك وأنك تمتلك عينا بلا بصيرة وإحساسا تبلد وضميرا نائما، كيف تفكر؟ فإذا كان دافعك احتياجك للاستقرار ... فأى استقرار بلا كرامة؟ من رضى بالإهانة والذل لغيره حتى يعيش هو آمنا مستقرا سوف يأتى يوم يُهان هو فيه ويُذل ويرضى غيره بذلك من أجل استقراره وأمانه! أما لو كان دافعك أن الحاكم لا يُهان وخاصة إن كان عسكرى، فالحاكم لا نهب له هيبته بل يكتسبها هو بأفعاله، وبالطبع لا تكتسب أبدا الهيبة والشعبية بالضرب والدهس والوقيعة بين الشعب ونقض الوعود والسحل والقتل ثم الكذب والإنكار والتلصص من مسئولية كل ما سبق، أما لو كنت معترفا بوقوع ظلم وعدم صلاحية الحاكم ولكنك تراه طوق نجاة لتلك الفترة، فمَن كان يعلم ماذا سيحدث بعد مبارك؟ حينها الكل كره الظلم وثار ضده وزاد الإصرار من أجل الشهداء حتى سقط مبارك ونظامه وجاء غيره، وعندما يسقط سوف يأتى غيره حتى يأتى من لا يهاب إلا الله ولا يعنيه إلا أن تظل رأس المصرى مرفوعة.


أنا غير مهتمة بالحياة السياسة ولكنى مهتمة بما هو أبقى وأهم، أنا مهتمة بالإنسانية! أنا حتى لم أشارك فى الـ 18 يوما المعروفين (لأسباب تبعد تماما عن عدم تأييدى للثوار) كما أن ثقافتى السياسية محدودة، لا أعرف إلا ما يجب أن أعرفه وأتلقى المعلومة السياسية كدواء مر، فهى لعبة يصعب فهمها وقذرة وأكرهها. ولكن لم يهزنى حدث عام كما هزنى ما حدث فى 19 نوفمبر. فالأمر لا يتطلب منك أن تكون مولودا ثائرا ومن أعمدة 25 يناير ولا أن تكون سياسيا من بيت سياسى وتحفظ أسامى أحزاب مصر منذ أيام سعد زغلول، إطلاقا! الأمر يتطلب منك أن تكون إنسانا يثور على ما يمس كرامته، كرامة أهل بلده.


القضية هذه المرة قضية كرامة ... إنها ثورة الكرامة.


ولا يمكن أن ينتهى كلامى دون أن أوجه تحية من شخص جبان كان يقدم خطوة ويرجع فيها وهو ذاهب للميدان مرعوبا من الموت أو من أن يعود منزله بعاهة، تحية منى ... للشهداء ... المجد لكم! وتحية منى لكل من فقد عينه، فيوما ما سيجد ابنك فى عينك المفقودة فخر وحكاية يتباهى بها أمام زملائه.


وتحية منى لسائقى "المكن الصينى" وسائقى سيارات الإسعاف والأطباء الذين يعملون فى ظروف أكثر من صعبة، فالطبيبة التى تسهر تعمل فى تلك الظروف خير لمصر من 10 رجال جالسون يتبادلون النكات على القهوة!


هؤلاء يجعلونى أفخر أنى أنتمى لهذا الوطن حتى بعباسيته.


إلى جدى المناضل الكبير/ محمد متولى عوض بقلم :على قنديل


أفتقدك فوق ما تستطيع كلماتى أن تتراص لترسم لك ذلك الحضن الذى أتمنى كل لحظة أن تعطينى إياه فى ميدان التحرير.


أفتقد حكمتك ورجولتك ورقتك، وأفتقد صمتك وبلاغة نظراتك، أفتقد صوتك الحنون الذى لطالما نشر الدف فى أجواء بيت العائلة، أفتقد كل النتائج التى أثبت الزمن من خلالها أنك كنت دائما على حق.


أفتقد نظرتك السارحة عندما تجلس أمام اللوحة التى رسمها لك صديقك الرسام فى ظلمات المعتقل القاسى، وأفتقد ابتسامتك عندما ترانى صغيرا أجلس فى ركن من المنزل أتابعك فى خجل.


أفتقد رباط حذائك عندما كنت أتربص بباب المنزل منتظرا قدومك كى أفكه بأناملى الصغيرة، قبل أن أغسلها جيدا وأتجه مباشرة للمطبخ كى أعود بكوب من الماء البارد لأجدك تجلس على ذلك الكرسى الذى رغم تشابهه مع كرسى آخر إلا أنه فى نظر كل العائلة: عرش!

جدى، أحد الأعمدة الرخامية القوية التى كانت ستحمل على أكتافها كثيرا من تفاصيل الثورة بلا أى تعب.


أعترف أننى لا أتمالك أعصابى حين أرى هؤلاء السلبيين الذين لا يجدون ألما فى تناول الآيس كريم ودخول السينما بعد مشاهدة الجيش يلقى بجثث إخواننا فى مقالب القمامة، أعترف أننى أصبحت أحتقر الكثيرين، أعترف أننى أبذل مجهودا خرافيا فى منع كفى من صفع الملايين بلا رحمة ... ربما إن كنت موجودا الآن يا جدى لكنت عالجت كل هذا بأقل من خمس كلمات.


جدى ... لن أطيل عليك


ولكنى أحببت أن ألقى عليك سلاما ملفوفا بعلم مصر، هذا الوطن الذى لم تبخل عليه

سلاما بطعم الحرية المنتظرة، التى سبقتنى إليها بعقود من الزمن، سلاما نقيا مثل قلبك الذى اتسع لمئات البشر والأفكار.

أدعو إليك يا جدى بما لا يدعو به البشر عادة ... أدعو إليك أن تظل معى فى ميدان التحرير. رغم مرور السنين على رحيلك، لقد علمتنى الكثير، ورغم أنى لست بتلميذ نجيب، إلا أننى على الأقل أحفظ كل التفاصيل وأتعلمها كل على حدة ...

رحمك الله يا جدى


سلاما خاصا من بناتِك المقرّبات وعلى رأسهن ... أمى


حفيدك
علوة



مش ناسيين التحرير يا ... بقلم :مصطفى حلمى


لو سألت أى عيل صغير ماشى فى الشارع إيه أخطاء نظام مبارك اللى أشعلت الثورة، هـ يقول لك استخدام العنف المفرط فى فض المظاهرات والتباطؤ فى اتخاذ القرارات.


والمجلس العسكرى مش عيال صغيرة، المجلس باسم الله ما شاء الله كله ناس أكابر أقل واحد فيهم يرميله 55، 56 سنة، وعلى كتفه رُتب وعلى صدره نياشين ممكن يوقعوك من طولك لو حاولت تشيلهم.


السؤال بقى هو، ازاى ناس بالخبرة دى كلها، تقع فى غلطة ما يقعش فيها عيل صغير؟


حاجة من اتنين ...

التفسير الأول (وهو مستبعد بالنسبة لى) إن الناس دى ما تعلمتش حاجة، والدرس بتاع ثورة يناير عدى من فوق دماغها ولا كأنه حصل، وإنهم توصلوا إلى إن غلطة مبارك هو إنه لم يتعامل بالعنف الكافى مع المتظاهرين ... وفى هذه الحالة يبقى الناس دى ما ينفعش تحكم البلد لأن تفكيرهم قاصر، ويبقى لازم يمشوا.


التفسير الثانى (وهو الذى أميل إليه) هو أن ما يحدث مقصود تماما.

المجلس العسكرى عايز تظاهرات واعتصامات لسبب ما ... ولذلك أشعلها بنفسه عن طريق تصدير الشرطة فى المشهد لاستفزاز الناس، علما بأنه باعتراف منصور العيسوى نفسه إن وزارة الداخلية الآن تحت سيطرة أحد لواءات الجيش وليس سيطرته هو، والتعامل بعنف غير عادى مع المتظاهرين، وطريقة الكر والفر التى تتبعها الشرطة فى الهجوم، والتى أيضا تستفز الناس بعنفها، وفى نفس الوقت تترك الميدان تحت سيطرة المتظاهرين لتظل الفرصة قائمة للمزيد من الناس لتأتى وتنضم إلى الاعتصام فى الميدان حتى تظل حالة التظاهر قائمة.


ليه المجلس عايز حالة تظاهر فى البلد؟

التفسيرات كثيرة، وقد تخطئ أو تصيب ... قد يكون من أجل إجهاض الانتخابات، إما بإلغائها (وهو مستبعد لما سيترتب عليه من غليان ستشارك فيه هذه المرة قوى مثل الإخوان والسلفيين ليحموا مصالحهم التى تتمثل فى إجراء الانتخابات والسيطرة على مجلس الشعب) أو بإتمام الانتخابات وسط حالة الفوضى هذه، مما قد يؤدى إلى عنف شديد يحول إلغاء الانتخابات إلى مطلب شعبى، وتبقى جت من الناس، مش من المجلس، أو حتى بالطعن فيما بعد على نزاهة الانتخابات لأنها تمت وسط انفلات أمنى، مما يجعل مجلس الشعب المنتخب على أساسها باطلا، ويعيدنا من جديد إلى نقطة البداية، ليكسب المجلس المزيد من الوقت لترتيب أوراقه بما يضمن له الاحتفاظ بمكانته وامتيازاته بعد نقل السلطة.


قد يكون السبب هو ما خرج به علينا المشير طنطاوى فى خطابه، وهو إجراء استفتاء شعبى لاستطلاع موافقة الشعب على بقاء المجلس فى السلطة من عدمه، وهو استفتاء فى حالة حدوثه، يبقى أكلنا البالوظه ولبسنا السلطانية واتعمل علينا واحد ولا بتاع أنفلونزا الخنازير.

لأن الاستفتاء ده الإخوان والسلفيين وبعض القوى السياسية التى لا يهمها أى شىء سوى مقاعد مجلس الشعب ستدعمه، ومثلما حدث فى الاستفتاء الماضى، سيتحول الموضوع من استفتاء على بقاء المجلس من عدمه إلى نصرة الدين ودعم الاستقرار والتخويف بلقمة العيش، لتأتى النتيجة فى صالح المجلس ... وابقى قابلنى لو واحد عرف يفتح بقه أو ينزل التحرير أو يعترض على حاجة بعد كده ... ساعتها هـ يبقى بـ يعترض على الشرعية، ويبقى مالوش دية ... وبكده يبقى سيطر المجلس تماما على الأمور.


عامة، سواء ده السبب، أو هناك سبب آخر، اللى يرتكب فعل كقتل الناس من أجل مكسب سياسى ما، لا يَستحق أن يُستأمن على حكم بلد، ويجب أن يرحل.


سورى يا مجلس أنا عمال أجيبها يمين وأجيبها شمال وفى الآخر مش لاقى حل تانى.


بس بقى أمر مهم جدا ... وهو إيه سبب اللى احنا فيه ده؟

احنا وصلنا للنقطة دى، لما قلنا مبارك يمشى، ومش مهم نجيب مين.


آآه ... أسمع أصواتكم الآن تقول هـ نرجع بقى للنغمة المايعة، بتاعة أنا أو الفوضى، ولو المجلس مشى كلنا هـ نموت والبلد هـ تفلس والحاجات دى.


لأ ... الحكاية مش كده.

الحكاية إنك لما بـ تمشى الحاكم، من غير ما تقول انت عايز تجيب مكانه مين، يبقى By Default كده، أكبر قوة فى البلد بعديه هى اللى هـ تمسك.

فى حالة مبارك، جه المجلس ... طب فى حالة المجلس، هـ ييجى مين؟


الله أعلم، لأن مفيش قوة أخرى واضحة ... يمكن الإخوان، يمكن هناك قوى أخرى تعتقد إنها أقوى. ولأن الموضوع مش واضح الموضوع هـ يقلب خناقة ... اللى يقدر على التانى يحكم ... يعنى حرب ضارية.


بلاش، حتى لو من غير حرب أو عنف، الناس استسلمت وقالت يا عم فلان، انت أقوى واحد فى البلد دى، احكم انت ... زى ما عملنا مع المجلس يعنى.

تفتكر إن فلان اللى وصل للحكم بالقوة ده، هـ يحكم ازاى؟ طبعا بالقوة، ما هو ده الشىء الذى أوصله للحكم، وبالتأكيد هو الشىء الذى سيبقيه فيه.


من الآخر، هـ نبقى للمرة الثانية بـ نشيل حاكم احنا مش عايزينه، علشان نجيب حاكم احنا برضه مش عايزينه، ويبقى زى ما بـ نقول إن المجلس ما تعلمش من أخطاء مبارك ... احنا كمان ما بـ نتعلمش من أخطائنا ونستاهل اللى يجرى لنا.


يبقى لازم نوصل لاتفاق مع بعض نجيب مين، علشان ما تبقاش ثورة سنوية بـ نعملها كل شتاء.

طبعا احنا ربنا واعدنا بشوية قوى سياسية لا ينطبق على معظمها إلا ألفاظ أبيحة، لأن معظمهم أهون عنده الناس تموت، ولا إن حد غيره يحكم.


علشان كده القوى السياسية دى مفيش منها رجاء لن يصلوا لاتفاق، الشعب هو اللى لازم يتفق لوحده!!

طب نتقابل فين يا عم الحج؟

صعبة دى!!

يبقى أمامنا الحل الذى يبدو أكثر منطقية من الاختيارات التى أمامنا وهو الانتخابات ...

الله ... يعنى رجعت عملت زى الإخوان أهو ... أمال متضايق منهم ليه؟


أنا مش مختلف مع الإخوان فى الاستنتاج ... أنا مختلف معاهم فى الأولويات.


الانتخابات إذا اكتملت (بنزاهة) قد تكون أفضل الحلول، لكن أن تترك رفاق الثورة والناس تموت فى الميدان من أجل الانتخابات وانت تعلم أن كثرة العدد فى الميدان تحمى ... ده شىء يدعو إلى القرف.

والغريب إن السبب الذى ساقته قيادة الإخوان هو أن درء الضرر أبدى من جلب المنفعة.

على أساس إن الضرر الأكبر هو إن الانتخابات تبوظ، مش إن الناس تموت!

كما أنهم بهذا الفكر الوصولى خسروا كل من كانوا بدأوا يظنون بهم خيرا.

لا تستحق قيادات الإخوان ولاء شبابها الذى ضحى بنفسه فى الكثير من الأحيان ليحمى ما يعتقده هو مبادئ وتحوله قيادته مصالح.

ممكن تكون قناعتك مثل قناعتى، إن اللى بـ يحصل ده مدبر ... وممكن تكون من بتوع ارحمونا بقى عايزين نعرف ناكل عيش، وممكن تكون شايف اللى فى الميدان دول ما بـ يفهموش حاجة خالص، وإنهم منساقين ورا عملاء مدسوسين.

لكن أيا كانت قناعتك ...

اذهب إلى الميدان لتحمى إخوتك حتى إن لم تكن مقتنعا، فحياة الناس أغلى من قناعتك.

اكتبوها يمكن تنفعكم "إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر" بقلم :سلمى حجاب

بـ يقول لك لو الشعب عايز يعيش يعنى، يبقى القدر هـ يسمع كلامه فى يوم من الأيام ... طب هو مش أصلا كل الناس عايزة تعيش؟ أنا عايزة أعيش وانت عايز تعيش وتهيس وتكروز بالعربية وتخرج مع أصحابك وهى عايزة تعيش وتربى عيالها وتضربهم علق ويروحوا المدرسة ويكبروا وتجوزهم ... كده يعنى.

بس ... فيه ناس فكروا فيها بطريقة تانية. سألوا نفسهم: هو أنا عايش فعلا؟ هل أنا مبسوط وحاسس بالحرية والحياة؟

السؤال ده هو اللى تعب الكل وخلى الدنيا مقلوبة كده من الآخر. واحد قاعد فى لحظة تجلى وسأل نفسه لو كان عايش فعلا. بص على أهله اللى كبروا فى البلد دى وتعبوا واتذلوا علشان يكبروه ويعلموه، هم ما أخدوش حقهم ولا استمتعوا بحياتهم، طب وهو؟ فكر فيها لقى إنه برضه هـ يمشى جنب الحيط مذلول ويكبر ويشتغل ويتجوز ويخلف ويعجز ... ويخلص الفيلم ويموت!

عارفين الفكرة بالنسبة لى إيه هنا؟ إنى مش بـ استغرب إن الناس الأغنياء المستريحة بـ تشارك معانا وتنزل تثور ... أنا بـ استغرب من الناس المستريحة اللى بـ تعيش وبـ تصرف فلوسها وبـ تعمل كل اللى نفسها فيه ... بس مقتنعة إنها عايشة حرة فى وطن أسير!

القصة سهلة أوى، شوية شباب (شباب بروحهم مش بسنهم) قرروا إنهم مش هـ يسكتوا على ظلم، ومش هـ يخافوا من حد مهما كان، ومش هـ يخافوا يقولوا للغولة فى وشها عينك حمرا حتى لو ماتوا ... شباب عايز يعيش، حتى لو مات فهو برضه هـ يعيش بجد.

ييجى الناس الكبيرة بقى (كبيرة وعجوزة بروحها برضه مش بسنها) تقول لك بلا كلام فارغ، شوية بلطجية رايحين يتفتونوا على بتوع الداخلية المساكين، ويهينوا جيشنا "العظيم" ومشيرنا "الكبييير أوى" ... لا ما ينفعش نسكت ... طب ناويين تعملوا إيه؟ هـ نقعد نشتمهم طبعا واحنا بـ نتفرج ع التلفزيون المصرى الـ (...) –كلمة مش كويسة ما ينفعش أكتبها علشان بنت ناس برضهأو نقعد فى بيتنا ندعى عليهم.

فيه جزء تانى من الناس الكبيرة، بـ يؤمنوا بنظرية تانية. أنا مع الثورة وكل حاجة يا ولاد، بس بلاش تروح انت يا حبيبى يا بنى ... فيه ناس تانية كتير بدالك، انت وراك مذاكرة ومستقبل، من خاف سلم برضه!

غير بقى إن فيه جزء من الناس "المستكنيصة" على الإنترنت، وهؤلاء نسميهم "نشطاء من منازلهم" ... أهلى حاولوا يخلونى منهم فى الـ 18 يوم الأولانيين من الثورة، علشان كده ما كنتش بـ روح أيام الضرب، كنت بـ روح أيام المهرجانات واللب والفول السودانى، أو أيام ما نزلنا ننضف الميدان وضهرنا اتقطمعلى الفاضى طبعا- وده يبرر أنا ليه كنت سعيدة أوى يوم الأحد لما بدأ الضرب فى الميدان من عساكر الجيش والشرطة واتحبست أنا وزميلتى فى محل جوا الميدان وشميت غاز مسيل للدموع!! آه والله كنت فرحانة، أصل كان واجعنى أوى موضوع إنى لما هـ احكى لعيالى إنى شاركت فى الثورة، بس ما شميتش غاز مسيل للدموع، ما كانوش هـ يصدقونى وهـ يقولوا ماما بـ تشتغلنا! كده أنا فخورة وفرحانة ... بس الأهم إنى لما نزلت، وشفت كل حاجة بعينى، مش بس ساعات اعتصامات يوليو، ولا كل الجمعات اللى لحقت الثورة. أنا شفت ثوار شجعان، وشفت مصابين متبهدلين يروحوا يتعالجوا ويرجعوا تانى ... شفت دكاترة شجاعتهم فوق الوصف، وحزنهم لما واحد يروح من إيديهم ما يتحكيش، دورت على مكان أصلى فيه لاقيت جامع عمر مكرم مقفول على آخره من المصابين، جريت لحد ما دخلت مستشفى ميدانى عالجونا من الغاز وقلت أتوضى وأصلى ثم اكتشفت إنها كنيسة الدوبارة. أنا شفت عائلات مالهمش مصابين ولا أى مصلحة ... قرروا يعتصموا لما شافوا منظر المتظاهرين المقتولين والمرميين جنب الزبالة. اتقال التحرير دول كلهم بلطجية فنزلت وشفت بعينى، واتقال لى إن بتوع العباسية دول مجانين، فنزلنا العباسية وصورنا مع الناس وعرفنا إنهم أغلب من الغلب، واحنا اللى ضيعناهم من إيدينا لما سبناهم فريسة للتليفزيون المصرى الـ (...) –نفس الكلمة تانى- وللـ "دكتور توفيق عكاشة".

ما كنتش ها عرف أشوف كل ده وأتكلم عن ثقة إلا لما نزلت بنفسى ... لو خضعت لخوف أهلى زى المرة اللى فاتت كنت هـ افضل مجرد مدونة من منازلهم ما بـ تنزلش غير فى الأمان. اللى يشوف بعينه غير اللى يسمع. وعلشان كده أهلى انتقلوا من حزب الكنبة إلى ثائرين ... بعد ما سألوا نفسهم نفس السؤال: هل احنا عايشين فعلا؟

لذا أيها القراء الأعزاء، عندى كلمتين ليكم اكتبوهم يمكن ينفعوكم: "اسأل نفسك انت عايش فعلا ولا لأ، وما تحكمش على حاجة ما شفتهاش بنفسك" ...


محمد محمود "للجحيم باب يؤدى إلى الجنة!" بقلم محمود مصطفى كمال

"هـ تدخل؟" ... يقولها لك رجل بسيط يوزع الكمامات مجانا ليحسم لك إجابة الأسئلة التى تدور فى ذهنك حول قرارك بالدخول إلى الجحيم ... محمد محمود. يقولها الرجل بطريقة تطرد آخر ما فى صدرك من تردد وخوف، الخوف من تخطى الزحام إلى الصفوف الأمامية، حيث قد تنتهى حياتك، أو تبدأ بداية جديدة مليئة بالألم والعذاب إذا أصبت وفقدت جزءا من جسدك، تفكر فى كلمات الرجل، ثم يتلاشى خوفك تماما بمجرد أن تسمع طبول الألتراس، يبدو أنه لا يوجد خوف هنا ... إنهم يحتفلون بمواجهة الموت، هذا المشهد أسطورى ... تشعر وكأنك قد عدت إلى حقبة زمنية من زمن الحروب القديمة، عرفت الآن ما هى فائدة طبول الحرب ... فهى تطرد كل أفكارك الخائفة فى ساعة الصفر وتدفعك دفعا للأمام ... وتخبرك أنك فى نقطة اللاتراجع، لا فائدة من التفكير فى الاحتمالات. عمود النور ذو الضوء الأصفر يلقى بظلاله على الثوار المعتلين كل شىء فى الشارع بداية من المبانى انتهاء بالعواميد ... بينما تلحظ بهتان ضوئه الذى سببه كمية الغاز المسيل للدموع التى حلت محل الهواء. إذا كان دخول جنة الحرية صعبا ... فدخول جحيم محمد محمود أصعب، حيث يتسابق الجميع لنيل شرف التواجد فى الصفوف الأمامية ... وسط صوت الطبول وسيارات الإسعاف والهتافات وهذا الضوء الأصفر الباهت، كمن يدخل حلبة رومانية فى قتال حتى الموت مع حيوان مفترس ... حيوان لا يفهم أنه فى الواقع لا توجد مشكلة بينك وبينه، وإنما أنه قد تم الزج به فى هذا القتال حتى الموت من أجل إسعاد القيصر. كلما تعمقت فى الشارع أكثر قل الزحام وزادت كثافة الغاز وكثرت الإصابات وزاد دوى سارينة سيارات الإسعاف بضوئها الأزرق الذى يتداخل مع هذا اللون الأصفر الباهت ليخبرك بأنك قد وصلت إلى سعير الجحيم. تدخل السيارة بسرعة لتأخذ من سقطوا وتفسح لك مكانا فى الصفوف الأمامية. تتهاوى حولك قنابل الغاز والخرطوش، إنها أكثر من أن تحتملها أنت ومن حولك. ملك الموت ينظر لك فى عينك، يتقدم خطوة فى اتجاهك فتتراجع خطوات للخلف، تجد الجميع من ورائك فى صوت مدوى يقولون "اثبت ... اثبت"، فتثبت، وتهوى القنابل ... يتساقط البعض مغشيا عليهم من الاختناق، بينما ينقض البعض الآخر على القنابل يحاولون إبطال مفعولها أو إعادة إلقائها للناحية الأخرى، تصبح الأصوات من حولك أكثر ثقلا، ويتحول صوت أنفاسك إلى صرير بعدما تسلل المشهد الغائم إلى داخل رئتيك، تنظر حولك ... إنه سباق لدخول الجحيم، الذى يبدو وكأنه قد أصبح المنفذ الوحيد للجنة. لا يوجد لدينا ما هو أكثر من ذلك لنخسره، رجال وفتيات وكبار السن يتبادلون أماكنهم عبر الوقت لتبقى جبهة الدفاع مؤمنة، من يصاب يذهب ليضمد جراحه ويعود ليأخذ مكانه مرة أخرى، إنه المكان الوحيد فى حياتك الذى ستتواجد فيه وأنت لا تعرف الآلاف من حولك ولكنك تثق بهم جميعا، تدافع عنهم ويدافعون عنك، وإن كنت بمفردك فلا زلت لست خائفا لأنك فى حال إن سقطت ستجد ألف من يحملك فى ثوانٍ إلى الممر الخالى المكون من الدروع البشرية الذى تم عمله لنقل المصابين للمستشفى الميدانى، وتم تنظيمه فى تلقائية تامة وكأن مَـن فى الميدان قد عاشوا ألف حرب. سيحملونك فى سرعة وحرص لتضمد جراحك لتفيق وأنت تعرف أن جحيم محمد محمود رغم كل شىء .. آمن مكان فى العالم.

رسالة إلى دولة العواجيز بقلم :حسن حامد (سكسك)


كام مرة كنت ماشى فى الشارع ولاقيت منظر الزبالة منتشر فى مناطق يُـقال عليها راقية ومفيش حد حتى بـ ياخد باله إن الحاجات دى محتاجة تنضف؟ كام مرة لاقيت واحد راح مطنش تماما العربية اللى راكنة صف أول وركن صف تانى وعشقها ومشى وسابك تخبط دماغك فى الحيط، كام مرة قرفت من العشوائية والسلبية وكلمة "ماليش دعوة" و"وانا مالى" اللى كانت مصيبة جيلنا.


الجيل ده طلع فى وقت غريب جدا الحقيقة، طلع وهو جيل الولا حاجة، لا عندنا حرب مثلا نحشد لها، ولا عندنا مشروع قومى ملفوفين حواليه، ولا عندنا هدف قومى من أى نوع، كان هدف كل الشباب إنه يتجوز واحدة شبه "ميجان فوكس" ويعمل "فورمة الساحل" ويركب "البى إم" ويصيف فى "مراسى"، كلنا كنا بـ نتريق على العيال اللى مسقطة البوكسر ومش فالحة فى أى حاجة غير الهتاف للعيبة الكورة وما بـ ترفعش علم مصر غير لما المنتخب يكسب أى ماتش، كلها عيال متربية علشان تخدم نفسها!


مش عايز أقول كلام الإنشاء بتاع أصل الجيل ده عمل وسواء وما عرفش إيه بسبب الثورة، بس تعالوا نبص لحقايق بسيطة، مصر أكتر من ٧٠٪ منها شباب من ١٥ وطالع بعكس الدول الأوروبية اللى عندها تعداد المسنين بـ يزيد بشكل مرعب يهدد اقتصادها نظرا لتحول معظم القوى العاملة للصرف على احتياجاتهم، ده طبعا جزئيا لأن الرعاية الصحية عندهم أحسن ومن ناحية تانية علشان ما عندهمش ثقافة: "هـ تتجوز/ى امتى" و مش هـ نفرح بيكِ بقى، ولما تتجوز تلاقى كله قلب على: "مش هـ نشوف ولادك بقى قبل ما أموت".


المهم إن شئت أم أبيت: مصر دولة شباب، عيال صغيرة بـ تدخل على الفيس بوك وبتحب بعنف وبـ تكره بشدة وما بـ تقبلش غير باللى يرضيها ١٠٠٪، فجأة بقت دولة شباب عايز يحس إن دى بلده، وحاسس إن "محمود أفندى" اللى لابس كم فوق القميص وبـ يلحس قلم الكوبيا علشان يكتب، وكلمات من نوعية "الريادى" و"أزهى عصور الديمقراطية" مكانها فى المتحف مش على صفحات الصحف، شباب زهق بقى من إن حد يقول له يعمل إيه وما يعملش إيه.


اللى ما كانش حد يعرفه أصلا إن الشباب ده، برغم شكله، رجالة بجد، غلب جهاز أمنى كان مقعد كل الحركات والأحزاب اللى شايفينها بـ تسأسد دلوقتى على صفحات الجرائد وفى التليفزيونات فى البيت ما يتكلموش إلا بإذنه ويقولوا اللى هو عايزه بس، غلبه بولا حاجة غير شجاعته وحلمه وأمله إن بكره أحسن، الجيل ده غريب، بجد برغم إن الجيل اللى رباه كان بـ يحب يمشى جنب الحيط إلا إنهم طلعوا عايزين يهدوا الحيط ويبنوه تانى، طلعوا أبعد ما يكون عن "وانا مالى" و"ماليش دعوة" مش بس بإنهم بقوا إيجابيين، لكن لدرجة إنهم يموتوا ويفقدوا عينيهم علشان الناس التانية من غير ندم، لدرجة إنهم يدخلوا السجن وهـم مرحبين علشان يكتبوا حرية لكل الناس اللى برا، يقضوا حياتهم فى الزنازين علشان بلدهم تخرج براها.


يوم ٢٨ شفت بعينى شباب لو شفتهم فى الشارع هـ تقول دى عيال سيس بـ تواجه الموت بصدر مفتوح وواقفين قدام المدرعات وجيوش الأمن المركزى كأنهم أسود ما يعرفوش يعنى إيه خوف، شفتهم بـ يحطوا إيديهم فى إيدين بعض كأنهم كتلة واحدة زقت ٦٠ سنة جهل وفقر ومرض لمزبلة التاريخ ولسه، شفت فى شارع محمد محمود شباب بسيط راكب مكن صينى عايش جوا غاز محدش يستحمل يبقى على مسافة كيلو منه بـ يشيل مصابين وينقلهم على مكنته البسيطة علشان يتعالجوا ويرجع تانى ولا كأنه فى حرب، شفت دكاترة بـ يتضربوا ويتبهدلوا وهـم بـ يمارسوا عملهم، وبرضه كانوا مكملين علشان فيه هدف أسمى وأجمل يستاهل إنهم يستحملوا علشانه، شفت مصر تانية مافيهاش زبالة مرمية فى الشارع ومافيهاش حد بـ يقول ماليش دعوة، شفت اللى ممكن نكونه لو سابونا نبقى نفسنا.


أعزائى العواجيز، جيلنا ما كانش عنده حاجة تتسمى باسمه، لا السد العالى ولا حرب أكتوبر ولا حاجة خالص، لغاية ما اكتشفنا إن الإنجاز الكبير اللى هـ يعمله جيلنا هو إنه يكون نفسه، والإنجاز ده لسه ما كملش، احنا لسه شغالين عليه علشان يبقى أحلى وأجمل حاجة حصلت فى تاريخ البلد دى، أرجوكم ما تقولوش علينا بلطجية، أرجوكم افهموا بقى إننا مش بـ نعمل كده علشان نخدم حد غير مصر، افهموا، إن مع احترامى وتقديرى لكل اللى انتم عملتوه إلا إن أعظم حاجة عملتوها فى حياتكم، هى تربية الجيل ده، افهموا إنكم ممكن تعملوا اللى انتم شايفينه صح براحتكم، لكنكم مش هـ تبنوا مستقبل لينا علشان احنا اللى هـ نعيش فيه، مش انتم.


عاش جيل الثورة ولو كره العواجيز!




إحنا