بـ يقول لك لو الشعب عايز يعيش يعنى، يبقى القدر هـ يسمع كلامه فى يوم من الأيام ... طب هو مش أصلا كل الناس عايزة تعيش؟ أنا عايزة أعيش وانت عايز تعيش وتهيس وتكروز بالعربية وتخرج مع أصحابك وهى عايزة تعيش وتربى عيالها وتضربهم علق ويروحوا المدرسة ويكبروا وتجوزهم ... كده يعنى.
بس ... فيه ناس فكروا فيها بطريقة تانية. سألوا نفسهم: هو أنا عايش فعلا؟ هل أنا مبسوط وحاسس بالحرية والحياة؟
السؤال ده هو اللى تعب الكل وخلى الدنيا مقلوبة كده من الآخر. واحد قاعد فى لحظة تجلى وسأل نفسه لو كان عايش فعلا. بص على أهله اللى كبروا فى البلد دى وتعبوا واتذلوا علشان يكبروه ويعلموه، هم ما أخدوش حقهم ولا استمتعوا بحياتهم، طب وهو؟ فكر فيها لقى إنه برضه هـ يمشى جنب الحيط مذلول ويكبر ويشتغل ويتجوز ويخلف ويعجز ... ويخلص الفيلم ويموت!
عارفين الفكرة بالنسبة لى إيه هنا؟ إنى مش بـ استغرب إن الناس الأغنياء المستريحة بـ تشارك معانا وتنزل تثور ... أنا بـ استغرب من الناس المستريحة اللى بـ تعيش وبـ تصرف فلوسها وبـ تعمل كل اللى نفسها فيه ... بس مقتنعة إنها عايشة حرة فى وطن أسير!
القصة سهلة أوى، شوية شباب (شباب بروحهم مش بسنهم) قرروا إنهم مش هـ يسكتوا على ظلم، ومش هـ يخافوا من حد مهما كان، ومش هـ يخافوا يقولوا للغولة فى وشها عينك حمرا حتى لو ماتوا ... شباب عايز يعيش، حتى لو مات فهو برضه هـ يعيش بجد.
ييجى الناس الكبيرة بقى (كبيرة وعجوزة بروحها برضه مش بسنها) تقول لك بلا كلام فارغ، شوية بلطجية رايحين يتفتونوا على بتوع الداخلية المساكين، ويهينوا جيشنا "العظيم" ومشيرنا "الكبييير أوى" ... لا ما ينفعش نسكت ... طب ناويين تعملوا إيه؟ هـ نقعد نشتمهم طبعا واحنا بـ نتفرج ع التلفزيون المصرى الـ (...) –كلمة مش كويسة ما ينفعش أكتبها علشان بنت ناس برضه – أو نقعد فى بيتنا ندعى عليهم.
فيه جزء تانى من الناس الكبيرة، بـ يؤمنوا بنظرية تانية. أنا مع الثورة وكل حاجة يا ولاد، بس بلاش تروح انت يا حبيبى يا بنى ... فيه ناس تانية كتير بدالك، انت وراك مذاكرة ومستقبل، من خاف سلم برضه!
غير بقى إن فيه جزء من الناس "المستكنيصة" على الإنترنت، وهؤلاء نسميهم "نشطاء من منازلهم" ... أهلى حاولوا يخلونى منهم فى الـ 18 يوم الأولانيين من الثورة، علشان كده ما كنتش بـ روح أيام الضرب، كنت بـ روح أيام المهرجانات واللب والفول السودانى، أو أيام ما نزلنا ننضف الميدان وضهرنا اتقطم – على الفاضى طبعا- وده يبرر أنا ليه كنت سعيدة أوى يوم الأحد لما بدأ الضرب فى الميدان من عساكر الجيش والشرطة واتحبست أنا وزميلتى فى محل جوا الميدان وشميت غاز مسيل للدموع!! آه والله كنت فرحانة، أصل كان واجعنى أوى موضوع إنى لما هـ احكى لعيالى إنى شاركت فى الثورة، بس ما شميتش غاز مسيل للدموع، ما كانوش هـ يصدقونى وهـ يقولوا ماما بـ تشتغلنا! كده أنا فخورة وفرحانة ... بس الأهم إنى لما نزلت، وشفت كل حاجة بعينى، مش بس ساعات اعتصامات يوليو، ولا كل الجمعات اللى لحقت الثورة. أنا شفت ثوار شجعان، وشفت مصابين متبهدلين يروحوا يتعالجوا ويرجعوا تانى ... شفت دكاترة شجاعتهم فوق الوصف، وحزنهم لما واحد يروح من إيديهم ما يتحكيش، دورت على مكان أصلى فيه لاقيت جامع عمر مكرم مقفول على آخره من المصابين، جريت لحد ما دخلت مستشفى ميدانى عالجونا من الغاز وقلت أتوضى وأصلى ثم اكتشفت إنها كنيسة الدوبارة. أنا شفت عائلات مالهمش مصابين ولا أى مصلحة ... قرروا يعتصموا لما شافوا منظر المتظاهرين المقتولين والمرميين جنب الزبالة. اتقال التحرير دول كلهم بلطجية فنزلت وشفت بعينى، واتقال لى إن بتوع العباسية دول مجانين، فنزلنا العباسية وصورنا مع الناس وعرفنا إنهم أغلب من الغلب، واحنا اللى ضيعناهم من إيدينا لما سبناهم فريسة للتليفزيون المصرى الـ (...) –نفس الكلمة تانى- وللـ "دكتور توفيق عكاشة".
ما كنتش ها عرف أشوف كل ده وأتكلم عن ثقة إلا لما نزلت بنفسى ... لو خضعت لخوف أهلى زى المرة اللى فاتت كنت هـ افضل مجرد مدونة من منازلهم ما بـ تنزلش غير فى الأمان. اللى يشوف بعينه غير اللى يسمع. وعلشان كده أهلى انتقلوا من حزب الكنبة إلى ثائرين ... بعد ما سألوا نفسهم نفس السؤال: هل احنا عايشين فعلا؟
لذا أيها القراء الأعزاء، عندى كلمتين ليكم اكتبوهم يمكن ينفعوكم: "اسأل نفسك انت عايش فعلا ولا لأ، وما تحكمش على حاجة ما شفتهاش بنفسك" ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق