مجلة إحنا

مجلة إحنا
غلاف عدد نوفمبر

الخميس، 3 نوفمبر 2011

السرقة بضمير بقلم: مصطفى حلمى





مبدئيا، وعلشان نبدأ الكلام بحاجه تحبب القراء فى كاتب هذه السطور ... أحب أقول لكم إن أنا حرامى.

وعلشان المحبة تكتمل، ويبقى عيش وملح أحب أقول لحضرتك إن انت برضه حرامى.

ها؟ حبيتنى ولا لسه؟!

طب علشان أكون صريح، أنا متأكد إن أنا حرامى، لأن أنا عارف نفسى، لكن بما إنى ما أعرفش حضرتك، فيبقى لازم أقول إنى متأكد بنسبة 99% بس إن حضرتك حرامى ... علشان لو حد شتمنى وقال لى ازاى تقول كده، أقوم مستعبط وقايل ما هو حضرتك من الواحد فى المائة اللى ما بـ يسرقوش.

بناء على إيه بقى الاتهامات اللى نازلة فوق دماغك دى من أول المقال دى؟

أولا: احنا بعد الثورة ... أى حد ممكن يتهم أى حد بأى حاجة، براحته خالص مش مهم أوى يكون فيه أدلة وبراهين والكلام الفارغ ده.
ثانيا: لو حضرتك مواطن مصرى، فغالبا انت أصلا فيه بتاع أربع خمس بلاغات مقدمة فيك عند النائب العام من شخص ما، فمش هـ يفرق معاك اتهام كمان ... ما جاتش عليا يعنى وخلاص القانون لازم ياخد مجراه.
ثالثا: أنا ممكن أثبت إن حضرتك فعلا حرامى!

أثبت لك انت على الأقل.


مش عندك إنترنت؟

طبعا أنا هافترض إنك مواطن صالح، والإنترنت بتاعك جاى من شركة الإنترنت الموزعة، مش ضارب وصلة من عند الواد ميدو بتاع السايبر اللى تحت البيت.

السؤال بقى، حضرتك بـ تدخل على الإنترنت تعمل إيه؟

غير الإيميلات وفيس بوك والمحاولات المستميتة للشقط، والرسائل اللى من نوع "أنا حازم فى تالتة تجارة، وشفت البروفايل بتاعك بالصدفة، وبجد انت ابتسامتك رقيقة جدا، ووشك أمور أوى ومريح، وصدقينى أنا مش بـ عاكسك، بس أتمنى نكون أصدقاء ... وأتشرف لو قبلتى إضافتى".

وفارس العشق، وأمير الحنان، والنبع الدافى ... وكل الأسماء اللى تصلح إنها تكون اسم مسلسل تركى، أو حتة من قصيدة لفاروق جويدة ... وصور البروفايلات اللى عليها وردة مفتحة، أو رسم كارتونى لفتاة حالمة ودمعة تسيل على خدها.

بعد الكلام ده كله، حضرتك بـ تعمل إيه تانى على الإنترنت؟
بـ تنزل أفلام، وأغانى ومسلسلات.

طبعا أنا ما قصدش الأفلام إياها ... دى طبعا موجودة وشىء أساسى، بس لسه محدش بـ يدافع عن حقوق الملكية بتاعة الأفلام البورنو ... وده غالبا لأن صعب حد من أفراد هذه الصناعة يطلع يتكلم عن المبادئ والمثل والقيم واحترام الملكية الفكرية ... اللى هى فى الحالة دى مش فكرية أوى ... بس ما علينا.

ما بـ يعديش يوم علينا من غير ما تشوف منتج ما، أو رئيس شركة ما بـ يعيط فى التليفزيون بكاء على حقه الضائع، فى الفيلم أو الشريط اللى أنتجه، أو برامج وألعاب الكمبيوتر اللى بـ تتسرق كل يوم.

ولما تسمع كلام حد من الناس دول، هـ تحس فعلا قد إيه هو اتأذى، وقد إيه هو خسر فلوس، وهـ تحس إن انت مجرم حرب، آثم كل ما تنزل أغنية من الإنترنت.

لكن أنا كحرامى قديم، بـ نزل أفلام ومسلسلات وأغانى بالجملة، شايف الموضوع بطريقة مختلفة شوية عن كده. 
ما هو الواحد برضه لازم يحلل اللقمة الحرام علشان يعرف يبلعها.

أنا عندى حوالى خمسة آلاف أغنية على الكمبيوتر ... لأنى بـ نزل الأغانى دى ببلاش ... لكن لو كنت مضطر أشترى، كان بالكتير أوى هـ يبقى عندى 200 أو 300 أغنية، هم دول اللى بـ اسمعهم ... ومش أنا بس، كل واحد زيى فى الدنيا كان هـ يعمل كده.
نفس الحكاية فى المسلسلات، والأفلام والباقى.

والنتيجة كانت هـ تبقى إيه؟

النتيجة كانت هـ تبقى إنك ما بـ تشتريش غير اللى انت متأكد إنه هـ يعجبك، وده معناه، إن لما ينزل شريط لفريق اسمه "كولد بلاى" عمرك ما سمعت عنه فى حياتك مش هـ تفكر تنزله لأن المخاطرة هـ تبقى بفلوس ... لأ، خلينى فى اللى أنا أعرفه.

مين يا عم كوينتن ترانتينو ده؟ ده بـ يقولوا على أفلامه مجنونة ... هـ روح أدفع 30 جنيه فى فيلم ممكن يطلع أهبل؟ لا يا عم خلينى أستنى فيلم ستيفن سيجال الجديد.

إيه ويندوز ده؟ وهو أنا هـ روح أشترى برنامج يشغل لى الكمبيوتر بـ 500 جنيه؟ ليه يعنى؟ ما أجيب LINUX برنامج ببلاش وزى الفل.

عمرك ما كنت هـ تسمع عن أبو الليف، أو حتى مارسيل خليفة وإلهام المدفعى لو ما كانش فيه قرصنة.

مين من جيلنا كان مستعد ينزل يشترى أغانى أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد المطلب، ويدفع فلوس فيهم علشان أهله بـ يقولوا عليهم مغنيين عظام؟

لو الويندوز ما كانش بـ يتضرب كانت ليه الشركات والبنوك اضطروا يدفعوا مئات الآلاف من الجنيهات علشان يشتروا نسخ ويندوز للأجهزة بتاعتهم؟ إذا كان أصلا الموظفين كلهم ما بـ يعرفوش يستخدموه، لأن عندهم فى البيت LINUX النظام الجميل اللى ببلاش!! طب أرخص وأكثر عملية، إن الشركات كمان تستخدم LINUX.

المنتجين اللى بـ يشتكوا إنهم بـ يبيعوا ربع المبيعات اللى المفروض يبيعوها بسبب القرصنة هم فى الحقيقة ما كانش هـ يبقى عندهم ربع الإقبال ده على منتجاتهم لولا القرصنة.

لأن القرصنة بـ تصنع النجوم بسرعة مذهلة ... والنجوم دول هـم اللى بـ يجيبوا الفلوس، بشكل أو بآخر.

كل المبررات دى، لا تجعل القرصنة شىء قانونى، ولا أخلاقى أوى الحقيقة ... كل اللى أنا عايز أقوله إن القرصنة مش بالبشاعة اللى بـ يصورها البعض.

لأن من ناحية تانية، مثالية زيادة عن اللزوم بعض الشىء، فيه ناس بتسعين جنيه شهريا، اللى هى تكلفة اشتراك الإنترنت اللى ممكن تعمل منه داونلوود براحتك أو أقل من ذلك لو كانوا واخدين وصلة من حد ... بقى عندهم مخزون لا نهائى من الثقافة والفن لم يكن من الممكن أن يتاح لهم لولا القرصنة.

لو انت عايش فى منطقة شعبية، وبـ تاخد مرتب مكفيك أكل وشرب ومواصلات بالعافية، رفاهية زى إنك تشترى سى دى عليه موسيقى كلاسيكية لتشايكوفسكى أو موتزارت تبدو مستحيلة!! كتب جابرييل جارسيا ماركيز وميلان كونديرا حتما ستأتى متأخرة فى ترتيب الأهمية بعد الكهرباء والغاز وعلبة الكليوباترا ... والسينما الفرنسية الوحيدة اللى هـ تكون متاحة أمامك هى الفيلم الفيديو اللى انت سالفه من الوله حوكة وما بـ تعرفش تتفرج عليه غير عند ابن خالتك اللى عنده فيديو لما أهله يكونوا مسافرين.

شئتم أم أبيتم القرصنة باستطاعتها تثقيف الناس أكثر من كل مكتبات وقصور الثقافة والمسارح اللى تقدر الدولة توفرها ... ده إذا كان الموضوع ده فارق مع الدولة أساسا.

ويبقى المنتج الغلبان، اللى صرف فلوس من أجل صناعة الفن – كما سيدعى- أو من أجل أن ترجع له مضاعفة – وهذا حقه- ... نعمل إيه فى الغلبان ده؟

الحقيقة إن المنتجين بشكل عام، أبعد ما يكونوا عن الغـُـلب، وبقليل من الذكاء، كل منتج ممكن يستغل القرصنة، ليصنع أموالا، أكثر بكثير من اللى كان ممكن يصنعها فى عصر ما قبل القرصنة.

لأن مبيعات الكاسيت أصبحت فى الحضيض، ومفيش شريط ممكن يجيب فلوس إن شالله لو كان مايكل جاكسون شخصيا صحى وعبى الشريط ومات تانى ... المنتج برضه ممكن يكسب.
زي ما شفنا شريط عمرو دياب نزل الأول مع شركة تليفون محمول، قبل ما ينزل فى أى حتة ... ده هـ يجيب فلوس ... رنات الموبايل بـ تجيب فلوس ... شعبية المطرب أو النجم اللى انت بـ تصنعه، وبـ تكبر فى لحظات بفضل القرصنة، هـ تخليك ممكن تطلع فلوس من ورا حفلاته، أكتر من اللى كنت هـ تطلعها عشر مرات لو شريطه كان نزل واتباع عادى بدون قرصنة.
ده حتى لو نزل الأغانى ببلاش على موقع الشركة على الإنترنت ... كم الناس اللى هـ يجذبها الموقع ممكن يولد فلوس كتيرة جدا من الإعلانات!
الأفلام، مبدئيا الأفلام مهما حصل، القرصنة لا تؤثر كثيرا على إيرادات السينما، لأن السينما متعة مختلفة وخاصة ... يعنى الناس بـ تدفع فلوس وتدخل سينما، حتى لو الأفلام متاحة قدامها ببلاش ... ده غير إن المكسب الحقيقى للمنتج دلوقتى بـ ييجى من بيع الأفلام للقنوات الفضائية، وحق العرض الحصرى عليها، بعد ما الفيلم يتشال من السينما أساسا ... غير الإعلانات اللى أصلا بـ تدخل جوا الفيلم ... يعنى لما حضرتك تشوف البطل بـ يتغدا فى بيتزا هت، وبـ يشقط البطلة من قدام كنتاكى وبـ ياخدها فى عربيته البى إم يروحوا يشربوا سحلب فى الهيلتون ... كل ده مش صدفة!

بعد ما بررت لنفسى، وبررت لكم سرقة الأفلام والأغانى والبرامج من الإنترنت ... أنا عايز أقول حاجة مهمة.

أنا اتسرقت!!

وبعد ما اتسرقت، لاقيت نفسى متضايق جدا!!

اللى حصل إنى كتبت قصيدة يوم تفجير كنيسة القديسين فى رأس السنة، اسمها "ينصر دينك" ... والقصيدة عجبت ناس كتير ... وكالعادة، فيه ناس أخدت القصيدة وسابت عليها اسمى ... وفيه ناس مشكورة عملت مجهود إضافى، ومسحت اسمى من القصيدة قبل ما تنشرها ... لأن القصيدة ممكن تكون حلوة، بس اسمى طبعا مش حلو.
ثم دخل عامل الفتى العبقرى، واحد قرا القصيدة، ووجدها بدون اسم، وبحس شعرى رائع، وعين لا تخطئ، فكر شوية وقال القصيدة دى أكيد اللى كتبها أحمد فؤاد نجم – وده طبعا شىء يشرفنى- وراح كاتب اسم عم نجم تحت القصيدة.

بس يا معلم.

كل يوم بقى أشوف القصيدة فى جرنال، وبجوارها صورة عم أحمد، مع مديح واستحسان للقصيدة ... وبعدين ألاقى ناس عملوا لها فيديو ومثلوها، وكاتبين فى النهاية شكر للشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم.

مفيش أى وجه تشابه ما بينى وبين أحمد فؤاد نجم ... فأنا حجما أفصل منه ثلاثة ... وهو شعرا يفصل منى عشرين ... بس هو ده اللى حصل!! وأقول للناس ده أنا اللى كاتب القصيدة، اللى يقول لى انت بـ تكذب، واللى يقول لى ده أنا سامعها منه بودانى فى أمسية شعرية ... وفى الآخر بقيت أنا اللى مجرم.

طبعا أحمد فؤاد نجم ليس له أى يد فى الموضوع، القصيدة لن تزيده أو تنقصه شيئا، ولا هو سمع عنها أو عنى ولا يعرف أصلا الموضوع.

المهم ... بعد ما اتسرقت ولاقيت نفسى متضايق كده ... قلت الله! هو أنا بوشين ولا إيه؟
يعنى أنا آخد حاجة الناس ببلاش من الإنترنت، وأقول عادى مافيهاش حاجة ... بعدين لما حد ياخد حاجتى أتضايق وأزعل؟

صحيح أنا عمرى ما ضيعت الحقوق الأدبية لحد ... يعنى ما جبتش أغنية لعمرو دياب وقلت دى تامر حسنى اللى بـ يغنيها ... أو فيلم من تأليف عمر طاهر وقلت إن محمد دياب اللى مألفه ... بس زى ما فيه ناس ضيعت عليا حقى على الإنترنت ... فالإنترنت برضه ادانى مساحة إن ناس تانية تقرا اللى أنا بـ اكتبه ... اللى كان زمانى دلوقتى بـ اقراه أنا وابن خالتى بس.

طبعا يا ريت الناس تهتم إنها تحافظ على الحقوق الأدبية ... لأن زى ما أطلت فى الشرح إنها هى اللى بـ تجيب الحقوق المادية ... وكمان لأنها بـ توجع أكتر بكتير من إن يضيع عليك فلوس!

إنما لو هو ده الثمن ... يبقى جت بسيطة ...
هـ اتسرق شوية وحقى هـ يضيع شوية ... بس كمان هـ استفيد بطرق تانية كتير ... يبقى ماشى!!

أنا شخصيا موافق.
تحيا الإنترنت ... وتحيا السرقة عليه!!



ليست هناك تعليقات:

إحنا