من عشر شهور كنت سامع صوت الحرية بـ ينادى فى كل شارع فى بلادى، ومش أنا بس اللى كنت سامع ده العالم كله كان سامع. كان صوت تلقائى صوت عالى كان صوت كل الناس بجميع أنواعها وأطيافها كانت بـ تنادى بيه، مسلم ... مسيحى سلفى ... إخوان ... ليبرالى ... نخبة ... اليمين، واليسار ... حتى البلطجية. ساعتها كان مرفوع شعار "مصر أولا" مش حزبى أولا، مش جماعتى أولا، مش شغلى أولا، مش مصالحى أولا، مش الكرسى أولا، مش برنامجى التليفزيونى أولا، ومش جرنالى أولا! وما كانش فارق مع الناس الأمن ولا الأمان؛ الناس كانت بـ تنام قدام الدبابة ودمهم كان مغرق الشوارع والجوع والبرد ما كانش فارق وكان فيه "هارمونى" بين الناس سواء فى اللجان الشعبية أو تنظيم المرور أو تنضيف الشوارع، كان كل فرد بـ يدفع ثمن الحرية وصوت الحرية كان سيمفونية العالم كله بـ يسمعها والمصريين بـ يغنوها.
ولكن واضح إن الموضوع أصعب من كده، مش زى أفلام زمان اللى دايما النهاية بـ تكون سعيدة. الثمن واضح إنه غالى جدا ومحتاج نفس طويل والنظام الفاسد ساب لنا فساد وراه مالوش آخر. ساب لنا نظام تعليم فاشل، خرج لنا أجيال من أنصاف المتعلمين وغير المتعلمين تماما. والجهل من وجهة نظرى سلاح دمار شامل وتحدى من أصعب التحديات. ساب لنا كمان العشوائيات وسكانها اللى هـم مصريين زينا ومن حقهم يعيشوا حياة آدمية، لكن مع وجود نظام فاشل تكاثرت العشوائيات وكان النظام عاجز كالعادة يوفر لهم مساكن وخرجوا لنا آلاف من البلطجية الجياع! وفى نفس الوقت جهاز الشرطة أغلبه اتعود يحمى نظام مبارك، ولما النظام مشى مشيوا معاه وتخلوا عن الشعب وما بقاش فيه أمن. ده غير الجيل اللى عايز ياخد زمنه وزمن غيره والعقول المتدمرة الديناصورية اللى ماسكين البلد جيل متعود يبقى له كبير ودايما عنده سقف. النظام ساب لنا الصحف القومية والإعلام المنافق اللى ضللوا عقول الناس واتعودوا يكونوا عبيد عند الحاكم. وسابوا لنا أقباط حاسين بالظلم والاضطهاد نتيجة عدم السماح لهم ببناء كنائس أو تولى مناصب ... وإلخ، وساب لنا معتقلات كانت مليانة إخوان وسلفيين وبعد لما النظام اتخلع كل ده انفجر فينا. والتطرف بقى فى كل شىء وكل حاجة بقت عبارة عن مع أو ضد حتى الثوار بقى فى بعضهم متطرف فى آرائه ومش بـ يسمع حد. هى دى التحديات فى الفترة الجاية وهو ده ثمن الحرية الحقيقى مش الـ 18 يوم دول وبس كده. انت بـ تلاعب البرازيل وجبت جون فى أول عشر دقايق ولسه الماتش طويل وفاضل تمانين دقيقة ولازم تحافظ على النتيجة. واحنا كشعب هـ نقرر إذا كان هـ ندفع الثمن ده أو لا. وعلى العموم "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر" ... المشوار لسه طويل واحنا لحد دلوقتى ما حطيناش رجلنا على الطريق الصحيح.
فى النهاية أحب أقول بالرغم من كل ده صوت الحرية لسه بـ ينادى بالرغم إن الصوت اتنبح بس لسه بـ ينادى لأن البلد دى مليانة ناس شرفاء وشباب زى الورد. صوت الحرية بقى هادى وحليم واتقى شر الحليم إذا غضب بالذات يوم الجمعة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق