مجلة إحنا

مجلة إحنا
غلاف عدد نوفمبر

الاثنين، 13 فبراير 2012

آه خالتى اسمها سلمية! - حسن حامد

الثوار تعبوا، ومش عارفين يلاقوها منين؛ من الفلول ولا الإعلام، ولا الناس العادية البسيطة اللى بقى عندها مشاكل فى رزقها أكثر ما كان قبل الثورة، ولا الناس اللى مش طايقة الثوار!

شايفين نفسهم بـ يموتوا وينضربوا بالطوب والرصاص الحى والميت والخرطوش والغازات بجميع أنواعها علشان البوليس بيحبنا ونفسه ما نبقاش محرومين من حاجة. مش عارفين يتكلموا مع الإعلام اللى كل ما يجيب حد يجيب واحد بـ يزعق ويطالب بتنحية المجلس والدولة ونلم الكراسى ونمسح تحتيها وناخد بعضنا ونهاجر على السعودية ويكتب لك تحتيه المتحدث باسم ائتلاف الأرنوب لثورة شباب 25 يناير، والناس العادية مش عارفة هو إيه اللى بـ يحصل وفين الصح من الغلط ومليون سؤال حوالين كل شخص وثلاثين مليون رأى. ده خاين، وده عميل، وده كان مع مبارك، وده ما كانش معاه، وده شكله كويس بس طلع نمس، وده شكله نمس وطلع نمس برضه، وبتوع إسلامية إسلامية وأمك هـ تقلع الحجاب، لحد ما أنا شخصيا كنت هـ اتحجب ولما طهقنا.

كوضع طبيعى إنك تبقى طهقان وحاسس بظلم رهيب إنك تثور على السلمية وتقول خلاص، احنا نقلبها مسلحة، ما هى ليبيا أهى خلصت على القذافى وماشية فى طريق كويس ومفيش داعى للتطويل أكثر من كده بقى. زهقنا خلاص، بس خلونا نرجع خطوتين لورا كده ونتخيل إيه اللى ممكن يحصل، ومش هـ نعيد اختراع العجلة، الثورات المسلحة موجودة فى كل حتة فى الدنيا، ما علينا إلا إننا نقرا التاريخ واحنا نعرف إيه النتيجة، بس الأول لازم نقول: مفيش ثورة بـ تنجح فى سنة، لو سألت واحد تونسى هـ يقول لك إنهم لسه عندهم مشاكل زى اللى عندنا وأكثر، بس بـ يتعاملوا معاها بشكل مختلف، بالتالى القاعدة: أولا؛ النفس الطويل، الثورة دى هـ تاخد لسه كمان ٤ أو ٥ سنين علشان نبقى وصلنا لنقطة تفاهم، اللى حصل فى ٦٠ سنة مش هـ يتهد فى شهور... نصبر.

ثانيا بقى: عكس ثورة سلمية مش إنك تروح تضرب البوليس أو الجيش ببندقية، لأ، عكس ثورة سلمية يعنى ثورة مسلحة، وثورة مسلحة يعنى ميليشيات بـ تقاتل دفاعا عن سياسة أو فكر، يعنى من الآخر، دولة داخل دولة، طب ليه اخترناها سلمى، مش ده حل أريح؟ السلمية ميزاتها كتير: تخيل معايا كده موقف واحد بـ ينضرب من واحد بلطجى مسلح بكامل قواه وبـ يضحضح، قلبك وتعاطفك هـ يبقى مع مين فيهم؟ لو راحوا قسم أو محكمة، حد يقدر يقول على اللى بـ ينضرب ده ظالم ولو من بعيد؟ كنا بـ نتعاطف مع أطفال الحجارة ليه؟ علشان دى أطفال واقفة بطوب قدام دبابات، إنسانية الموقف ورمزيته شنيعة الروعة، رهيبة، ادى كل واحد منهم "آر بى جيه" وقول لى كده الموقف بقى إيه؟ موقف أبله جدا مكون من ميليشيات أطفال بـ تضرب "آر بى جيه" ويمكن بتوع حقوق الأطفال يطلعوا يقولوا حرام عليكم يمسكوا الأطفال دى سلاح وإسرائيل هـ تعمل "فتة" على صورهم وتقول لك شوف، حتى الأطفال بـ يدوهم سلاح علشان يقتلونا، ويعيطوا لأمريكا شوية وبعدين يروحوا بزكيبة فلوس ملظلظة يشتروا بيها مدافع أكثر علشان يحموا نفسهم من الأطفال الوحشين.

كلم أى واحد مع المجلس واسأله كده: انت مش مع الثوار ليه؟ هـ يقول لك يستاهلوا، بـ يضربوا الجيش ليه؟ انتم عايزين توقعوا الجيش ليه؟ هو يعنى تضربوه ويسكت؟ ما لازم يرد! اسأل نفسك كده، ليه ناس كتير نزلت الميدان ثانى يوم بعد ما شافت دموع وائل غنيم فى العاشرة مساء وهو بـ يبكى على الثوار وبـ يلوم مبارك، ومش نفس العدد هو اللى بـ ينزل بعد كده فى الجمعات المختلفة اللى اتعملت (فى ما عدا ٢٥ يناير لأسباب ثانية)؟ السبب واضح: الطرف المظلوم باين لكل واحد عنده عينين، مش محتاجة تفسير ولا دفاع عن حاجة، هـ نخسر أرواح آه، لكننا هـ نبقى أحرجنا المعتدى قدام الدنيا كلها بكل ذوق، تعالى بقى نشوف كده اللى (مش سلمية) هـ تعمل إيه:

1- اللى هـ يكون ميليشيات أكبر تدافع عن فكرته هو اللى هـ يكسب، تخيل كده الحرب الكلامية إياها دى تحولت إلى ميليشيات سلفيين وليبراليين وإخوان وميليشيات البلطجية، هـ يبقى شكل الدولة إيه؟ هـ يبقى إيه لو السلفيين قرروا يحاربوا العلمانيين الأوغاد ويجاهدوا فى سبيل الله بذبحهم فى حين يسن الليبراليون الشرفاء سكاكينهم ليموتوا شهداء للحرية فى حين إخواننا الاشتراكيين بـ يحضروا الكلاشنكوف تحت صورة جيفارا وهم بـ يغنوا أغانى الشيخ إمام استعدادا للدفاع عن مبادئهم حتى الموت.

2- الميليشيات دى اللى هـ تخضع له الأقوى بس، يعنى اللى عنده بنادق أكثر، وطبعا اللى عنده بنادق أكثر ده هو اللى هـ يسيطر، فين بقى الحرية اللى الثورة قامت علشانها؟

3- اللى هـ يسود مش هـ يبقى الفكر، هـ تبقى القوة، اللى معاه بندقية هو اللى هـ يسود، مش اللى أفكاره أحسن والثورة أصلا فكرة، عمرك شفت واحد بـ يحاول يقنع واحد إن ١ +١ = ٢ ببندقية؟ مش هـ تحتاج القوة أصلا لو فكرتك صح لأنها هـ تنجح وتنتشر لوحدها.

بص على التاريخ وشوف كام ديكتاتور خرج من رحم ثورة مسلحة، من أول فيدل كاسترو لغاية القذافى، كل دول كانوا بـ يشنقوا ويدبحوا باسم الثورة بلا أدنى تردد، كان الواحد من دول بـ يتحول لديكتاتور أول ما يلمس الكرسى (ودى فيها مقالة تانية عن ديكتاتورية الثورة بس خلينا فى موضوعنا دلوقتى).

ولو إن شكل الثورة المسلحة هـ يحسم الأمور لكن أبعاده كارثية وبكل الأحوال هو امتداد للذعر والهلع والجنان اللى على الأعلام طول النهار، لكنه أبدا مش طريق طبيعى لأى حاجة، ومش من عادتنا كمصريين -بالمناسبة مصر يمكن البلد الوحيدة فى العالم اللى عمر ما اندلع فيها حرب أهلية بشكلها المعروف فى العصر الحديث- إننا نتخانق مع بعض بالشراسة دى، احنا شعب نيلى، بـ يحب الكلام وبـ يكره العنف بطبيعته، فأرجوكم فكروا قبل ما تتخلوا عن سلمية الثورة، فكروا كويس فى اللى حققته السلمية فى مواجهة طاغية قبل ما تقرروا ترموها وتجابهوا الطاغية مش بالفكر، لكن بالعنف، فكروا هـ تروحوا فين.

وعلى فكرة، خالتى ما اسمهاش سلمية، ولا خالتك انت كمان، ده عنوان لثورتنا اخترناه لأنه آمن على البلد وعلى الحرية من أى عنوان آخر.





هناك تعليق واحد:

ابراهيم يقول...

فعلا رايك وكلامك فيه الكتير من الموضوعية والحجة الدامغة وسوف اساعد فى نشر التدوينة لاننى مقتنع بها خصوصا اننى الاحظ ظهور بعض الاصوات القليلة التى تنادى بالتحول من السلمية
وشكر ا واتنمى صداقتك
حسابى على تويتر hemamoga2@gmail.com

إحنا