مجلة إحنا

مجلة إحنا
غلاف عدد نوفمبر

الاثنين، 13 فبراير 2012

سلاسل تكلبش كاذبون! سارة عثمان

لو كان مفيش غير وسيلة مواصلات واحدة كانت الدنيا هـ تبقى جحيم، تخيل كده إن مفيش غير الأتوبيسات مثلا هى الوسيلة الوحيدة للمواصلات فى العالم كله... صباح التحرشات يعنى!


بلاش دى، تخيل كده إن كل الناس بـ تاكل نوع واحد من الأكل وليكن القلقاس... يانهار مش فايت! طيب تخيل كده لو كل فرق الدورى زمالك زمالك زمالك وبرضه بـ يتغلب... يا لهوك!

الاختلاف رحمة زى ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "اختلافهم رحمة"،
الناس أنواع وأشكال وألوان وطباع وقدرات، يعنى انت تحب حاجة أنا ممكن ما أكونش بـ طيقها أو تشجع فريق غير اللى أخوك التوأم -اللى الناس ما بـ يعرفوش يفرقوكم عن بعض غير بالحسنة اللى فى خدك الشمال- ممكن عادى جدا جدا هواياته والحاجات اللى بـ يميل لها تكون مختلفة تماما عن اللى انت بـ تحبه وتميل له. بالنسبة لك مثلا مشاهدة مباريات التنس متعة لا يمكن وصفها، بالنسبة له هو جحيم أبدى وعقاب إلهى إنه يفضل يتفرج على كرة قد البيضة رايحة جاية بلا هدف. والعكس طبعا لو انت شايف إنك ممكن تتنازل عن نصف ثروتك إللى هى تليفونك غالبا وأربعين جنيه فى جيب البنطلون فى سبيل إنك ما تروحش تحضر حفل توقيع كتاب لكاتب مشهور مثلا.

اللفة الطويلة العريضة دى علشان الخلاف اللى داير فى الشارع بين مبادرة "كاذبون" ومبادرة "مصرنا" أو ما يعرف بسلاسل الثورة، اللى مفيش شك فيه إن الاثنين مفيدين للثورة والاثنين أكيد يعنى مهمين لينا جميعا.


ليه بقى الخلاف والشتيمة والاختلاف والفرقة والاتهامات؟ بصراحة أصحاب مبادرة "مصرنا" ما فتحوش بقهم ولا اتكلموا عن مبادرة "كاذبون" اللى بـ تعرض وبـ تفضح انتهاكات وافتراءات العسكر بل إنهم بـ يدعموا كل عروض كاذبون فى كل مكان، لكن لأن الطبيعة الثورية بـ تحرن ساعات وبـ تدبدب فى الأرض وما عندهاش تفاهم فى أوقات ليست كثيرة يعنى فهم كانوا "حرنانين" جدا وغضبانين أوى وقافشين خالص على عروض سلاسل الثورة مش كل الثوريين طبعا بس ناس كتير منهم، واتهموا سلاسل الثورة إنها عودة للوراء مرة تانية، ورجعة للوقفات الصامتة ووقفات الكورنيش بتاعة خالد سعيد وإنها بـ تبرد الشارع تانى وبـ تبعده عن الروح الثورية.

بس أنا شايفة إن مبادرة سلاسل الثورة كانت مهمة جدا الفترة اللى فاتت بعد ما الناس كانت بدأت تتعب فعلا من المظاهرات والاعتصامات اللى كانت بـ تنتهى فى الآخر بكارثة جديدة تنضم لكوارث العسكر الفاشلين وضحايا جداد وشهداء لا ذنب لهم غير إنهم عايزين مصر حرة بس العسكر مش مستوعبين ده.

السلاسل ببساطة رجعت الناس للشارع تانى... إنك تمسك لوحة أو يافطة وتكتب اللى انت عايزه عليها وترفعها بكل هدوء فى المكان المتفق عليه بـ تلفت النظر من غير صريخ ولا أفورة ومن غير ما تعطل المرور -الحجة الأبدية من أيام الفراعنة- وكمان بـ تعرف الناس إنك تقدر تعمل اللى انت عايزه بسهولة وإنك مش هـ تسكت على حاجة تانى.

الفكرة عبقرية... مش عبقرية أوى أوى يعنى علشان ما ينغرّوش ويتنططوا علينا... بس بجد بعيد عن أى حاجة الفكرة كانت فى وقتها، السلاسل جمعت ناس تانية للثورة ورجعت ناس كانت بدأت تفقد الأمل وتتعب وتزهق واحنا شعب ملول بالفطرة -خصوصا الرجالة- وزهوق بالوراثة خصوصا البنات... يالا علشان محدش يزعل ويمسك فى التانى.

كون إن السلاسل دى تجمع الناس تانى حوالين الثورة ده فى حد ذاته شىء عظيم، مش بس كده لأ السلاسل فى رأيى المتواضع كانت سبب من الأسباب اللى مهدت الطريق للمسيرات العظيمة اللى كلنا شفناها يوم 25 يناير واللى استمرت بعد كده لحد كتابة السطور دى.

فيه ناس تقدر تكون صدامية وبمعنى أصح عندها القدرة على المواجهة المباشرة والصدام مع قوى الشر والظلام والقرف... ناس تانية بـ تختلف عن الطبيعة الصدامية دى وبـ تجنح فى مواجهتها لتكنيك أقل حدة، وأكثر تدقيقا... بس مش معنى كده إن إمكانياتهم أقل أو إنهم جبناء هم دول بتوع سلاسل الثورة واللى بعد فترة مش قليلة هـ يتعودوا على فكرة النزول للشارع وواحدة واحدة مش بعيد نلاقى واحد منهم قائد مظاهرة كبيرة أو مسيرة عند ماسبيرو أو وزارة الدفاع تحت شعار "كله بالحنية بـ يفك".

كل الحكاية إنها قدرات يا فندم... فيه ناس ثورية بطبعها وفيه ناس تانية بـ تتعلم ازاى تكون ثورية يعنى وخدها واحدة واحدة وفيه ناس ثالثة مالهاش فى كل ده وعايزة تفضل زى ما هى. تعالى بقى لبرنس المظاهرات وبوب البوبات وكبير الكبارات كاشف الكاذبين والكاذبات أكيد برضه له ناسه اللى تقدر تقول للغولة "ياغولة عينك احم... حمرا" واللى عارفة تبعات اللى بـ تعمله ومتحملة كل التبعات دى اللى أقصدهم طبعا مبادرة عسكر كاذبون واللى بدأت مباشرة بعد اللى حصل فى التحرير أيام اعتصام مجلس الوزراء وبدأ بعروض فى كل ميدان من ميادين مصر لكشف كذب العسكر وعمل إعلام بديل يعرف الناس الحقايق اللى غايبة عنها بسبب الإعلام الرسمى الحكومى الكاذب والإعلام الخاص الأكثر كذبا... نجحت "عسكر كاذبون" فى خلق إعلام بديل يفضح العسكر ويفضح انتهاكاتهم ويفضح فشلهم ويعرى حقيقتهم قدام كل الناس، الأفكار كانت عبقرية بروجيكتور ولاب توب وشوية حاجات صغيرة كده وهوب يبقى عندك سينما شعبية تقدر تفرج عليها ناس كتير ما عندهاش إنترنت أو ما عندهاش صبر وبـ تجمعهم فى ميدان تحت شعار "لم علينا عبيدك يا رب"... نجحت الفكرة نجاح منقطع النظير رغم كل محاولات المواطنين الشرفاء والبلطجية المأجورين فى تفريق وتحطيم أدوات العروض، لكنها فى النهاية انتصرت على كل ذلك وأصبحت "كاذبون" تنتشر وتتوغل وتستمر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب حتى وصلت -ويا للعجب- إلى عرين الأسد ماسبيرو الذى جعل النشطاء من مبناه لوحة لعرض كذب العسكر تحت سمع وبصر العسكر أنفسهم فى مشهد سريالى بهيج لا يمكن إنك تصدقه غير فى أفلام داوود عبدالسيد الغارقة فى الفانتازيا... مش بس كده لأ ده كمان تحت ضغط المظاهرات واعتصام ماسبيرو اللى شغال دلوقتى استضاف التليفزيون المصرى مجموعة من الشباب اللى بـ يعملوا العروض دى!! شوف انتقام ربنا يا مؤمن!

قصر الكلام يعنى اللى يقدر على حاجة يعملها اللى قدرته على المواجهة يواجه واللى قدرته على التعبير عن اللى جواه بالطريقة اللى تريحه يعملها وعلى رأى تيتا عايدة "احنا فى عرض المتعافى" لكننا نكسر مجاديف بعض ونشكك فى نوايا بعض هو ده بالظبط اللى العسكر بـ يسعى له وبـ يبذل الرخيص والغالى علشان يوصل له وللأسف ساعات احنا بـ نقدمه له على طبق بايركس ببلاش.

افتكروا دايما إن انتصارنا كان سره الوحيد خوفنا على بعض وإيمان كل واحد فينا إن اللى جنبه فى الميدان مستعد ساعة الجد يفديه بروحه من غير ما يكون يعرفه، وإن شاء الله العسكر الكاذبين يتكلبشوا قريب أوى بالسلاسل.

وحد صفك... كتفى فى كتفك

ليست هناك تعليقات:

إحنا