مجلة إحنا

مجلة إحنا
غلاف عدد نوفمبر

الاثنين، 13 فبراير 2012

إلى ولدى أحمد أبو حسين


سأقص عليك قصة لن تصدقها، إنها ليست كالقصص التى كانت تحكيها لك أمك فى مهدك وصباك. سأقص عليك قصة جيل، شباب مثل الورود، كانوا محتقرين من أجيال سبقتهم تم تهميشهم بكل الأشكال، هم حائط لإنجازات أهلهم... يتزوجون... ينجحون... يفشلون... يتدينون... ينحرفون رهن إشاراتهم ورهن إشارة مجتمعهم.

جيل يا ولدى اتهم بالبلادة... اتهم أن أقصى طموحه هو أن يرى فريقه القومى لكرة القدم فى بطولة كأس العالم، جيل هـُمش... جيل نشأ معظمه فى أسر غير الأسر التى يراها فى التلفاز، جيل عنيد... جيل أصيب بالكهولة فى عز شبابه.


أتصدق يا ولدى إن قلت لك إنه فى يوم من الأيام صاح هذا الجيل فاهتزت الأرض ونضحت بما فيها من عزة وكرامة وكبرياء، جيل تصدى لقوة كانت تحكم بلدك مصر بالحديد والنار... جيل رأى الله فى قلبه فآمن... جيل أحب أرض الوطن فلم يمانع أن تختلط دماؤه بتراب الوطن، جيل خرج يصرخ غاضبا بأن لقمة العيش حق لا صدقة... بأن الحرية دين وأن العبودية كفر... بأن العدالة صلب وأساس الحكم... وأن الكرامة عقيدة، لا طموح.

بالطبع هوجم... اتهم بالسذاجة... بل يا ولدى وإذ بالظالم يبكى بدموع التماسيح فأخذ بعض الناس يسبون هذا الجيل، هذا الجيل الذى فـُطم على العنف والإرهاب فى التسعينيات... هذا الجيل الذى تم التآمر على تعليمه ثم تسخر منه الأجيال التى تسبقه لضعف لغته وسوء منهجه.

هذا الجيل الذى شاخ قبل أن يرى زهور الشباب؛ تصدى للظالمين، وتصدى للقناصة الذين اختفوا... وللقتلة الذين لم يقتلوا... وللبلطجية الملقبين بالمواطنين الشرفاء ووقفوا لهم وحاربوهم جميعا؛ تنفسوا الغاز الذى لم يُستورد... واخترقت أجسامهم الخرطوش الذى لم يُطلق، وفقدوا أبصارهم وأرواحهم، والمجرم... سراب ... لا، المجرم عاد، بل المجرم تنكر ولبس رداءه المموه!! أظنك يا ولدى تقرأ عنا فى الكتب... لا تصدق الكتب، صدقنى أنا وصدق جيلى. نحن هذا الجيل الأبىُّ... الجيل الذى ثار بريئا ثم قفز على كتفيه المُـتاجر بالحرية والمُـتاجر بالدين.


نعم نحن هذا الجيل الذى مات منه خالد وبلال ومينا وبهاء... نعم نحن هذا الجيل... جيل البطل أحمد حرارة.

جيل فقد قدوته عماد الثورة والإسلام... شيخ وإمام، جيل يموت بلا ثمن، جيل مازال يحلم بوطن، جيل أحب جيلا قادما بعده... ومستعد أن يضحى من أجله

من أجلك يا ولدى... نبكى كى تبتسم أنت، نـُجرح كى يعلو صهيل ضحكتك، نـُهان كى تـُولد أنت فى كرامة... الرصاص والعذاب ما أحلاهما إن كانا ثمنا لنظرة تقدير منك، ونفقد كل شىء سوى نبضات القلب... لأن هذا موطنك يا ولدى... نبضات قلبى.

جيلى... مُقدرون فى العالم كله إلا أوطاننا، هذه ليست خرافة يا ولدى ولكنها الحقيقة، وكأن كل يوم يمر على هذا الجيل يشبه كربلاء الحسين، ففى كل قلب ثائر حسين... وكل يوم يا ولدى نودِّع حسينا.

لا تصدق ما يقولونه عنا، بل صدقنى وصدق جيلى!! جيلى... جيل يصرخ... يسب... يصلى... يرقص... يصوم... يفرح... يحزن... يبكى... يموت... يحب.

يحب!! لعل هذا هو داؤه، إنه حينما كان طفلا ويردد بلادى بلادى لك حبى وفؤادى كان يعنيها، كان قد وقع فى غرام وطن.

أنا لا أعلم كيف ستنتهى هذه القصة يا ولدى، ولكن هذا الجيل مُهمَل، متروك، مخذول، مقتول، ولكنه عاشق لوطنه، وعشقه إما أن يكون سببا لموته، أو لنصره، ولكنه لن يترك المعركة مهما طالت.


إنه جيلى... جيل منتصر!!


انتصر يا ولدى... انتصر.




ليست هناك تعليقات:

إحنا