"أنا آسفة إنى أبلغكم بالخبر ده، كريم خزام توفى"
"أبو معتز (مادو) توفى"
"أى حد يعرف أى حاجة عن محمد أحمد عبد الحميد سرى يا ريت يبلغنا، محمد فقد فى مبارة الأهلى- رضوى أخته"
"صلاة الفجر على أرواح الشهداء"
هذه كانت عينة من رسائل تلقيتها على مدار ليلة من أسوأ الليالى فى تاريخ مصر، ليلة أبكتنا جميعا! ليلة شهدت سرائر باتت خاوية ولن يعود لها أصحابها، ليلة بكت الأمهات فلذات أكبادها، ليلة دم أخرى تعيشها أمة لم تـُـداوَ جراحها بعد!
"دجوى، فيه شاب قريبى اسمه نزل فى الناس اللى ماتت، بس أهله عايزين يتأكدوا إنه هو!"
كانت هذه أول جملة قالها صديق فقد أحد أقاربه عندما اتصل بى قرب الفجر ...
ضع نفسك مكان هذه الأسرة، أب وأم وأخ وأخت، أصدقاء وجيران، ذكريات وأحلام، كل ما يريدونه هو التأكد أن "أحمد" قد مات. مازالوا يتمسكون بالأمل الضعيف أن يكون تشابه أسماء، أن ابنهم سيعود فى أى لحظة إلى حضن والدته، لا يهم كيف يعود، لا يهم إن فقد عينا أو يدا، يتمنون أن يعود ولو للحظة واحدة، يعود ليودعوه ... لكنه لم يعود!
لا أعرف كم شهيدا سقط إلى الآن، الرقم تجاوز الـ 70، لكنهم ليسوا أرقاما ... إنهم أروح، كانوا يعيشون مثلنا، لم يريدوا أن تنتهى حياتهم هكذا، وبالتأكيد لا يرضيهم أن يموت أحد بهذه الطريقة!
مازال الشهداء يسقطون، ومازال المسئول يجلس فى مكانه، فى مكتبه، وسط مساعديه، يتعامل مع الموضوع كأنه كارثة أخرى، كأننا فى حاجة للمزيد من الأرقام، كأن قرار إنشاء صندوق وصرف تعويضات سيطفئ ما بقلوب أسر الضحايا، وكأن لجنة تقصى الحقائق ستأخذ بثأرهم!
عفوا سيدى المسئول، إننا بشر مثلك، أولادنا مثل أولادك، نشعر ونتألم ونبكى موتانا، لأنهم لم يكونوا أرقاما لنا، كانوا أملنا، حلمنا بهم ولهم، أترضى أن يكون ولدك، سندك، مشروع حياتك مجرد رقما!
سيدى المسئول، إن وجودك داخل غرفتك المحصنة خلال حدوث المأساة لا يعنى أنك لست مسئولا عن كل نقطة دم نزفها أحد أبنائنا، لا يهم إن كان تقصيرا أو مؤامرة، فلا تصالح حتى القصاص ... فإننا لن نعود إلا بعد الأخذ بالثأر!
سيدى المسئول خذ تعويضاتك وأرقامك ولجانك، خذ خطبك وزياراتك وتعليماتك، خذ كل ما نملكه ولا تترك منه شيئا، وأعطنا رأس أحد أبنائك، و جاوبنا على هذا السؤال: هل الخطب والتعويضات واللجان تمحو حزنا فى القلوب؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق