مجلة إحنا

مجلة إحنا
غلاف عدد نوفمبر

الخميس، 12 يناير 2012

توثيق لعام من انتهاكات العسكر (يوليو 2011) - شهادة الناشط ماجد الزيني عن أحداث العباسية

أنا ماجد الزينى طالب بالجامعة الألمانية بالقاهرة وعضو بحركة ثوار الجامعة الألمانية وهذه شهادة منى على أحداث ميدان مسجد النور الشهيرة بأحداث العباسية يا رب قدرنى على سرد الحقيقة كاملة كما عاصرتها ورأيتها وقدرنى على تحمل مسئولية هذه الشهادة!!

ما قبل العباسية
كانت قد تزايدت حدة الاحتجاجات على المجلس العسكرى وعلى أدائه فى الفترة التى قضاها فى إدارة البلاد. كانت هذه الاحتجاجات المتزايدة نتيجة لبطء شديد فى محاكمات رموز النظام القديم وعلى رأسهم مبارك وأسباب أخرى متعلقة بطريقة تواصل المجلس مع الشعب وطريقة توجيهه اتهامات جزافا لأى فئة فى أى مناسبة لأى سبب. لكن كانت الكارثة الكبرى هى عندما أصدر المجلس العسكرى بيانا يتهم فيه حركة 6 أبريل صراحة بإشاعة البلبلة وتحريض الجماهير، بل واتهمهم بتلقى تمويل مادى من دول أجنبية وهو ما أدى لأن رفعت حركة 6 أبريل دعوى قضائية ضد اللواء محسن الفنجرى لتوجيهه هذه الاتهامات دون أى أدلة وبالفعل تم تبرئة الحركة من كل هذه التهم (بالمناسبة أنا لست عضوا بـ 6 أبريل ولا أعرف شخصيا أيا من أعضائها).

المهم ... كان هذا البيان الغريب من المجلس العسكرى بمثابة توجيه رسالة لجميع ثوار مصر وحثهم على مساندة 6 أبريل والتضامن معها وهو عكس ما كان ينتويه البيان من تحريض واضح ضد حركة 6 أبريل. وبالفعل تم الدعوة لمسيرة سلمية إلى مقر وزارة الدفاع تضامنا مع حركة 6 أبريل ورفضا لسياسة المجلس العسكرى بتوجيه الاتهامات كما يشاء دون أدلة ومطالبة لاستكمال مطالب الثورة المتباطئ فى تنفيذها وعلى رأسها سرعة المحاكمات.

كنت متابع لكل هذه التطورات وأخذت قرارى بالمشاركة فى المسيرة خاصة وأن منزلى فى منتصف صلاح سالم تقريبا، أى قريب جدا من وجهة المسيرة وكان لى أصدقاء فى المسيرة كنت أتابعهم حتى تقترب المسيرة السلمية إلى حد ما من منطقة العباسية لأنضم لها. إلا أنهم فجأة لم يعد أحد منهم يرد على هاتفه. لا أحد منهم على الإطلاق! بدأت أقرأ على تويتر أخبار من المسيرة عن تعرضها لهجوم بلطجية بزجاجات المولوتوف من فوق أسطح المبانى آخر شارع رمسيس قبل ميدان مسجد النور وأيضا هجوم بالأسلحة البيضاء من بلطجية أتوا من الشوارع الجانبية وبدأ عداد المصابين فى التصاعد، كل هذه الأخبار كانت ثانية بثانية على تويتر من أشخاص فى المسيرة. بعدها رد علىَّ أحد أصدقائى فى المسيرة وأكد لى كل هذه الأخبار بالنص، وقال لى باللفظ "إن المسيرة وقعت فى (كماشة) فتحت عليهم من البلطجية من كل الاتجاهات حتى من فوق أسطح المبانى وأن المتظاهرين بدأوا بالرد عليهم بإلقاء الحجارة" وكنت أسمع صوته وهو يقول "جمع طوب بسرعة" وقال لى فى عجالة حاول أن لا تأتى الآن وأغلَق الهاتف.

كل هذا ولم يكن هناك أى إشارة لقوات الجيش فى أى خبر من الأخبار الواردة من هناك سواء مكان تواجدهم أو هل هم أصلا متواجدين أم لا أو أى شىء عنهم. قررت أن أنزل من بيتى فورا وأذهب إلى هناك. فى الطريق بدأت أتابع على تويتر أخبار جديدة بسماع صوت طلقات كثيف جدا من أمام مسجد النور وأن مع تقدم المتظاهرين بضع أمتار فوجئوا بوجود قوات الجيش بكثافة أمام مسجد النور. ولكن لم يتمكن المتظاهرون من معرفة هل كانت هذه الطلقات من الجيش أو أن بعض البلطجية كانوا يحملون أسلحة نارية.

كوبرى الفنجرى
وصلت تحت كوبرى الفنجرى وكان طريق صلاح سالم شبه مغلق من التزاحم نظرا لقيام قوات الأمن بسرعة رهيبة بغلق جميع الطرق المؤدية للعباسية وأهمها من أسفل كوبرى أكتوبر. المسافة من أول شارع الطيران إلى أسفل كوبرى الفنجرى استغرقت تقريبا ساعة كاملة بالسيارة. ركنت السيارة أسفل كوبرى الفنجرى وقررت أن أكمل المشوار إلى العباسية سيرا. سرت فى طريق صلاح سالم مع اتجاه سير السيارات.
فى أثناء سيرى كنت أرى طائرات مروحية تابعة للقوات المسلحة تطوف أعلى المنطقة بالكامل، كانت الساعة تقريبا الثامنة مساء وكان قد مر حوالى ثلاث ساعات أو أقل قليلا على بدء الأحداث. دخلت يمينا من أسفل كوبرى أكتوبر فى اتجاه ميدان العباسية. كانت المنطقة بالكامل مغلقة بالحواجز وقوات الأمن منتشرة انتشارا ملحوظا. وفى هذه اللحظات كنت أتابع الأخبار على الإنترنت من التليفون وقد انتشر خبر تدخل قوات الأمن المركزى لفض الاشتباك بين المتظاهرين والبلطجية وهدوء الموقف نسبيا، لكن فى نفس الوقت كانت أخبار عن أن أعداد المصابين تتزايد بشدة. لم يكن أحد غيرى تقريبا أو بضع أشخاص يتجهون فى نفس خط سيرى إلى ميدان مسجد النور.

مسجد النور
وصلت قبل المسجد تقريبا بمسافة 50 متر ووجدت بالفعل قوات جيش يقفون بعرض الطريق لكن وجههم للأمام ناحية مسجد النور وأنا فى خلفهم ويضعون أمامهم أسلاكا شائكة ويقف أمامهم مجموعة عددها أقل بكثير من عدد الذين كانوا فى المسيرة على حسب العدد المعلن للمسيرة على الإنترنت والذى قدر بحوالى عشرين ألفا. وكان يقف فى نفس مكانى خلف قوات الجيش مجموعة أيضا من الناس حاملين أعلام مصر. لم أكن أعرف مَن منهم المتظاهرين ومَن منهم أهالى العباسية ومَن ليس هذا أو ذاك.

أن تكون فى الجانب الخاطئ!
لم أكن أعرف التقسيمة "مَن يقف أين"!! وكان يساعد قوات الجيش قوات الأمن فى غلق الميدان لكنهم كانوا يمررون حركة السير فى اتجاه واحد فقط الخروج وليس الدخول. بدأت أسمع من الناس الواقفين بجانبى خلف قوات الجيش كلاما مساندا ومؤيدا للجيش ومتهكما بشدة على الثوار الذين يريدون حرق وزارة الدفاع على حد قولهم، فأيقنت أنى واقف فى المكان الخطأ وأن منطقى أن يكون الجانب الآخر هم المتظاهرين. أردت أن أصل إليهم بأى طريقة فقررت أن أدخل من شارع ضيق كان على اليسار وقلت أتصرف فى الحوارى والشوارع الجانبية حتى أتمكن من الوصول للجهة الأخرى مع المتظاهرين.

لم أكن أعلم بطبيعة الحال داخل هذه الشوارع ولكن الذى كان واضحا من الأخبار منذ بداية الأحداث أن سكان هذه المنطقة هم الذين هاجموا المسيرة واتضح هذا عندما تم إلقاء الطوب والمولوتوف من فوق المبانى لكنى لم أكن أعلم هل هذه المنطقة التى أنا بها الآن هى التى خرج سكانها على المسيرة أو منطقة ثانية ناحية شارع رمسيس؟


الأهالى المتحفزين
دخلت الشارع بسهولة بالغة وما أن دخلت حتى بدأت تتضح لى ملامح الحقيقة التى كانت بمثابة مفاجأة مدوية. رأيت كما هائلا من حاملى السلاح الأبيض بجميع أشكاله وأنواعه حتى السيف، وأقسم بالله أنى رأيت هذا بعينى. رأيت نساء يجلسن على مداخل العقارات ويقلن لأبنائهن حاملى الأسلحة البيضاء: "اقطعوا رقبة أى حد يجرؤ ييجى هنا". وبدأت أشتم رائحة غاز مسيل للدموع وكان تأثيره قوى مما يعنى أنه كان قد أطلق قبل ثوانٍ معدودة. رأيت كما من العصبية والتشنج من هؤلاء الشباب وكانوا يتحدثون بصوت عالٍ ويلوحون بأسلحتهم البيضاء ويقولون: "ارجع وراء وسيبك من الشارع ده، اللى هـ يعتب هنا هـ ندبحه" بدأت أيقن أن هؤلاء هم بالفعل أهل المنطقة وأنهم يعتقدون أن أحدا سوف يقتحم عليهم منازلهم فيقومون هم بحمايتها. لا أخفى رعبى وخوفى من أن يشتبهون فى أننى واحد من المتظاهرين، وكنت أفكر فى إجابة إذا سألنى أحدهم عن سبب تواجدى هناك أو إلى أين أذهب.
تنسيق الأهالى والأمن!
ولكن كانت المفاجأة الثانية، والتى كانت بقدر ما أزعجتنى بشدة، وقفت بجانبى وحمتنى من بطش أهل المنطقة بى. كانت هذه المفاجأة هى وقوف جنود أمن مركزى وتجميع صفوفهم داخل شوارع هذه المنطقة. وكان يحميهم ويساعدهم بل ويوجههم لمداخل ومخارج هذه المنطقة هؤلاء الشباب. وكان ما أنقذنى فى هذه اللحظة هو أن أتيحت لى الفرصة فى وسط تلك الحالة من الهرج والمرج الناتجة عن إطلاق الغازات المسيلة للدموع بأن ألوذ بالفرار إلى ناحية المتظاهرين بعد أن كنت أسير ويسير بجانبى بالضبط أشخاص يحملون السيوف، وأحمد الله على عدم ارتيابهم فى وجودى وكان هذا شيئا غريبا جدا والحمد لله.

الشارع الذى خرجت منه لأكون فى صف المتظاهرين هو الشارع الملاصق تماما لبنزينة التعاون الشهيرة الموجودة فى آخر شارع رمسيس قبل مسجد النور مباشرة.


وصولى للمسيرة
عندما وقفت لأول مرة وسط صفوف المتظاهرين لم أكن أصدق أنى أخيرا قد وصلت لهم وأنى وسطهم لدرجة جعلتنى أسأل أكثر من مرة "هل أنتم من كنتم بالمسيرة؟" حتى أطمئن لوجودى فى المكان الصحيح، وبعد دقائق بدأت أتوغل فى وسط صفوفهم لأرى كم الإصابات الرهيبة فى صفوف المتظاهرين وبدأت أرى المشهد الكامل. شارع مغطى بالزجاج المكسور، شارع مغطى بكم هائل من الحجارة، رصيف بالكامل منزوع الرخام والبلاط، بنزينة فر منها العاملون وبداخلها كم هائل من صناديق الزجاج الملىء بالبنزين والذى عرفت فيما بعد من المتظاهرين أن الطرف الآخر والذى هو فى هذه الحالة سكان المنطقة ومعهم مَن يعاونهم من البلطجية كانوا قد استولوا على هذه البنزينة واستخدموها لملء زجاجات المولوتوف التى كانوا يلقون بها من فوق البنايات. رأيت أطباء المستشفى المجاورة لمسجد النور وهى تقريبا، إن لم أكن مخطئا، مستشفى الدمرداش وكانوا يقفون ليس لعلاج المصابين الذين يحتاجون إلى علاج فورى ولكن لحماية المستشفى، على حد قولهم، من الهجوم الذى كان ينتوى البعض تنفيذه على المستشفى. كانت الاشتباكات فى هذه اللحظات متوقفة تماما.

كان المشهد الرئيسى فى هذه اللحظة هو وجود مصابين بأعداد هائلة على الأرض وأصوات تنادى: "أين العلاج نريد أطباء نريد إسعاف". وآخرون يحتمون داخل أسوار مسجد النور وقوات جيش تقف من وراء الأسلاك الشائكة تشاهد المشهد ولا تحرك ساكنا. دقائق وبدأت أسمع الروايات التى كانت إلى حد كبير متطابقة وكانت تنص على الآتى: "المسيرة كانت تتجه سلميا من شارع رمسيس إلى وزارة الدفاع. عند وصولهم قبل هذه البنزينة المذكورة فوجئوا بوابل من زجاجات المولوتوف تسقط عليهم من أسطح البنايات، وأناس يحملون أسلحة بيضاء يهاجمونهم من الوراء ومن الأمام وكانوا يخرجون من الشوارع الجانبية ولم يكن لدى المتظاهرين سوى تكسير حجارة الرصيف والبدء بالرد بإلقاء الحجارة وسمعت أن بعض هؤلاء حاملى الأسلحة البيضاء كانوا يأسرون بعضا من الشباب وينهالون عليهم بالأسلحة البيضاء ثم يرمونهم إلى المتظاهرين ليكونوا عبرة، حتى أننى سمعت رواية من أكثر من شخص أن أحد الشباب أمسك به اثنان يستقلون دراجة بخارية (فيسبا) زرقاء اللون وظلوا ينهالون عليه أمام أعين الناس بالأسلحة البيضاء ثم رموه وفروا هاربين. وكان معظم المتظاهرين يتحدثون عن هذه الواقعة بالتحديد".

شهادات المتظاهرين
كان يتحدث المتظاهرون عن كلام غريب يسمعونه تكرارا من أهالى المنطقة أثناء تعديهم بالضرب عليهم على سبيل المثال: "يا خونة يا اللى قابضين من برا" و"يا يهود يا اللى عايزين تخربوا مصر" و "مش هـ نسمحلكم تخربوا بيوتنا" و"قولوا قابضين كام علشان تحاربوا جيشنا" إضافة إلى وقوف أطباء المستشفى ومشاهدتهم للمصابين بهذا الكم دون محاولات إسعافهم بل كانوا معنيين فقط بحماية المستشفى.


بدأت تتضح الصورة، فهناك من أقنعهم بأن هذه المسيرة هى مسيرة لإحراق مصر. ثم استكملت الروايات بأن بعد فترة من الاشتباكات لاحظ بعض المتقدمين من صفوف المتظاهرين وقوف قوات الجيش أمام مسجد النور. واضعين أمامهم فاصلا من الأسلاك الشائكة وهذا يعني وجودهم من قبل وصول المسيرة بكثير وانتظارهم فى هذا المكان منذ مدة. وتعجب المتظاهرون من موقف الجيش السلبى الذى اكتفى بمشاهدة فئتين يشتبكان بهذا العنف ولم يتدخل بأى شكل ما لوقف هذا العنف خاصة وأن كم الهجوم والضرب الذى تعرض له المتظاهرون كان واضحا كما اتضح أيضا إلقاء زجاجات المولوتوف من فوق أسطح البنايات التى يقف تحتها قوات الجيش وكأنه يستمتع بما يتعرض له المتظاهرون بل ويحمى من يفعل بهم ذلك.

كل هذا كنت أسمعه من أشخاص متعددين فى ظل بحثى عن أصدقائى والذين عرفت بعد ذلك أن واحدا منهم قد أصيب وأخذوه ليعالجوه بعيدا عن موقع الاشتباكات. ثم استكملت الروايات بأن قوات الأمن المركزى قد ظهرت من داخل هذه الشوارع الجانبية ووقفوا بجانب أهل المنطقة وقاموا بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين ليكملوا سلسلة الهجوم عليهم وكأنهم لم يكتفوا بما فعله البلطجية بهم. بعد لحظات من وجودى هناك بدأت موجة ثانية من الهجوم. هذه المرة شاهدتها بعينى وكنت أقف بجوار سور مسجد النور تماما. بدأ إلقاء الحجارة من شبابيك الشقق وبدأ إلقاء زجاجات المولوتوف من فوق أسطح البنايات وفى هذه الحالة لم يكن فى صفوف المتظاهرين من يقدر على رد هذا الهجوم بالحجارة لأن الجميع كان منشغلا بالمصابين. ففر الجميع فى اتجاه مسجد النور حتى يحتموا بداخله. وكنت أنا أول من قفز من سور المسجد. وتأكد لى موقف قوات الجيش السلبى لأن هذا المشهد لا يمكن أن يحدث وتظل قوات الجيش بهذا الهدوء المستفز.

خلفت هذه الموجة من الهجوم كمية أخرى من المصابين وبدأت عربات الإسعاف تصل من ناحية شارع رمسيس لتقل المصابين ... وبالفعل كان هناك عربات إسعافات أولية لإسعاف الإصابات السطحية والبسيطة فى مكان الحدث وعربات أخرى لنقل الحالات الخطرة إلى المستشفيات. وكانت تحدث مثل هذه الموجات من الهجوم على المتظاهرين كل عشرة أو خمس عشرة دقيقة وبعد كل مرة كان يقف المتظاهرون فى وجه قوات الجيش هاتفين: "يسقط يسقط حكم العسكر".

بدأت أعداد المؤيدين لصفوف الجيش فى التزايد نسبيا من خلف مدرعات الجيش وبدأ إمام مسجد النور يخطب فى المتظاهرين من داخل المسجد عبر مكبرات الصوت بأن يتركوا ميدان المسجد حقنا للدماء وأن يتوجهوا بالمسيرة إلى ميدان التحرير وليفعلوا هناك ما يشاؤون. فليعتصموا أو ليهتفوا أو ليفعلوا ما يحلو لهم هناك. وبدأ يوجه بعض كلمات اللوم على قوات الجيش المتواجدة على سلبيتها وعدم تدخلها. حتى ظهر بعض الشباب والرجال الواضح من ملابسهم وهيئتهم أنهم متعلمون وبدأوا يصيحون فى وسط صفوف المتظاهرين بأنهم من سكان هذه المنطقة وأنهم شاهدوا المشهد كاملا بأعينهم، وأن بالفعل من هاجمهم هم من سكان المنطقة أيضا ولكنهم أقسموا بالله أن من يتحمل المسئولية كاملة هم قوات الجيش التى أتت منذ صباح ذلك اليوم وظلت تشيع بين سكان المنطقة أنه سوف تصل مساء ذلك اليوم مسيرة ضخمة من أعضاء حركة 6 أبريل الخونة الممولين الذين يهدفون إلى هدم وزارة الدفاع وأنهم سوف يعتصمون فى هذا الميدان ليغلقوا منازلكم ويمنعوكم من الذهاب إلى أعمالكم ويغلقون محلاتكم ويوقفون حالكم وواجبكم أن تتصدوا لهم بكل حزم حتى تحموا حياتكم الخاصة وبيوتكم . وبالفعل ظهر أكثر من شخص من داخل المنطقة ليقر هذا الكلام بالضبط.

وهنا اتضحت الصورة غير المنطقية لشراسة هجوم السكان على المتظاهرين وسلبية أطباء المستشفى المجاورة للمسجد وتأكدت الشكوك بأن أحدا كان لقنهم كلاما تسبب فى موقفهم هذا واتضح أيضا السبب وراء برود قوات الجيش وسكوتهم بل وحمايتهم لمهاجمى المسيرة السلمية حتى ينفذوا هجومهم بكل أريحية على المتظاهرين ... وبالفعل تم الاستجابة لشيخ مسجد النور وجمع المتظاهرون صفوفهم واتجهوا من شارع آخر خلف مسجد النور حتى لا يحتكوا مرة أخرى بأهل المنطقة وساروا فى مسيرة واحدة فى اتجاه ميدان التحرير عبر شارع غمرة وبدأ من يومها اعتصام يوليو. كانت هذه شهادتى على أحداث هذا اليوم الصعب كما عشته وكما رأيته بأم عينى ... والله على ما أقول شهيد.

ليست هناك تعليقات:

إحنا