مجلة إحنا

مجلة إحنا
غلاف عدد نوفمبر

الخميس، 12 يناير 2012

عندما يخاف الثائر من الثورة! - وسام شريف

إحساس بالخنقة، كأنك محبوس فى زنزانة مترين فى مترين.
زنزانة كئيبة، يكتنفها ظلام دامس يحاول مرارا وتكرارا إنه يمتصك جواه، بس الحاجة الوحيدة اللى مانعاه هو الضوء الخافت اللى بـ ينبض من جواك على فترات. مفيش نسمة هواء جوا زنزانتك، بس الغريب إنك مازلت قادر تتنفس، كأن روحك بـ تقتصد فى التنفس علشان تبقى على آمالك فى نصر يبدو فى اللحظة دى بالذات بعيد المنال.
فى عز الظلام ترى ظل اعتدت على رؤيته، وبالرغم من كرهك له بقيت بـ تعتبره هو خليلك الوحيد فى أوقات الشدة والأزمات. صاحبك، اللى مش صاحبك أوى، بـ يقرب منك بابتسامة هى مزيج من السخرية والتشفى وبـ يقعد جنبك وبـ يبتدى الأسطوانة المشروخة بتاعة كل مرة! بس المرة دى مش زى كل مرة، علشان انت قربت تقتنع بالكلام اللى بـ يقوله لك، مع إنك كنت بـ تنفر منه كل ما بـ تسمعه. بس المرة دى انت تعبت، مش قادر، ما بقيتش قادر تحتمل الظلم والذل أكثر من كده!
وياريتها جَت على المهانة وبس، لكن اللى بـ يقتلك فعلا هو الشعور بالعجز! أصل الشعور بالعجز ده هو محمود المليجى بتاع المشاعر، أكثرها شرا وتدميرا، وانت ما بقيتش قادر تشوف شعب – فجأة اكتشفت إنك بـ تحبه – بـ تتهان كرامته وبـ تـُستحل دماؤه من غير ما تبقى قادر ترفع عنه ظلم أو أذى. فعلى إيه المقاومة والإصرار على العذاب؟ الكلام اللى بـ يقوله صاحبك مريح ومقنع ...
"مش ممكن فعلا يكون فيه ناس بـ تستغل ثورتكم علشان تخرب البلد؟ هو لازم يعنى يكون المجلس بـ يكدب عليكم طول الوقت؟ ما هم خايفين على البلد برضه! إيه ضمن لك إن كل اللى فى التحرير ناس كويسين بجد؟ عمرك ما حسيت إنكم زودتوها؟ طب بذمتك مش حرام الناس اللى عمالة تموت على الفاضى دى؟ أصل مهما المجلس عمل انتم مش هـ ترضوا، انتم دخلتوا فى حلقة مفرغة من الاعتراض! وبعدين، هل عندك حلول بديلة يا خبرة؟ ده غير إن مطالبك مش واقعية! روح بيتك لأهلك، هم أحوج لك، انت بشر ومش معصوم من الخطأ، راجع قراراتك واختياراتك. وكمان انت أصلا ضعيف، هـ تعمل إيه لوحدك؟!"
وشوية بشوية، يقينك بقضيتك بـ يضعف وبـ يتمحى وبـ يُستبدل بما هو عكسه تماما. بس مش مهم، انت كده هـ ترتاح ومش بعيد كمان ترجع لحياتك الطبيعية بتاعة زمان، أيام ما كانت همومك مش بـ تتعدى محيطك الشخصى. جو القومية ده عمره ما كان أولوية أصلا!
تمام كده ...
لأ مش تمام!
"علشان انت مش انهزامى! علشان اللى اتعمى واللى اتحبس واللى انتـُهك عرضها! علشان ما ينفعش تبتدى حاجة – أقل ما يُـقال عنها إنها عظيمة – وتستسلم لليأس والاكتئاب قبل ما تكملها! علشان حزنك على الحاضر هـ يكون هو السبب فى سعادتك فى المستقبل! علشان انت مش أحسن من إخواتك اللى جعلوا من أرواحهم جسر علشان تعبر انت عليه وتكمل المشوار!"
الضوء اللى جواك بـ يقوى تانى ونبضاته بـ تعلى لدرجة إن "صاحبك" بـ يتنفض من مكانه وبـ يحاول يهرب، كالعادة. لكن المرة دى غير كل مرة، علشان انت خلاص عرفت ديته ومسكته من قفاه قبل ما يفلت وطبقت فى زمارة رقبته لحد ما تلاشى وذهب إلى غير رجعة!
روحك بـ تنفجر وبـ تحررك من زنزانتك.
تفاءل، مسيرها تروق وتحلى.

ليست هناك تعليقات:

إحنا